الدورة 35 لمجلس حقوق الإنسان/ حزيران 2017
مقدّمة
قدّم مركز جنيف الدولي للعدالة، بالتعاون مع عدّة منظمات غير حكومية، 20 بياناً خطّياً بمناسبة انعقاد الدورة الخامسة والثلاثين لمجلس حقوق الإنسان، التي عُقدت في الفترة من 6 ولغاية 23 حزيران 23017 في جنيف. وقد تناول عدد من البيانات القضايا المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان والتجاوزات التي تجري في العراق. ويختتم كل بيان بسلسلة من التوصيات التي يودّ مركز جنيف الدولي للعدالة والمنظمات غير الحكومية الموقعة عليها أن توجهها إلى هيئات الأمم المتحدة، ولا سيما إلى مجلس حقوق الإنسان طالبة تنفيذها من اجل تغيير الأوضاع في العراق نجو الأفضل.
وفي الصفحات التالية ايجاز لما جاء في تلك التقارير من قضايا حيث تمثّل العناوين الرئيسة لهذا التقرير عناوين تلك القضايا كما قدّمت الى مجلس حقوق الإنسان. حيث يلخص البيان الأول الحقوق الرئيسية التي تُنتَهك في العراق، وتتناول البيانات التالية بصورة وثيقة ثلاثة من هذه الحقوق؛ الحق في الحياة - الذي يُساء استخدامه من قبل السلطة بعمليات الإعدام التي تنفذها الدولة، والحقّ في التعبير - الذي يساء استعماله من خلال القمع الذي تمارسه السلطة، والحقّ في محاكمة عادلة – يكاد يكون معدوماً بسبب فساد الحكومة وتدخلها السافر في القضاء.
وأخيرا، قدّمت هذه البيانات توصيات بشأن الإجراءات التي يجب على المجتمع الدولي اتخاذها للدفاع عن أولئك الذين لا يستطيعون اليوم الدفاع عن أنفسهم. وحيث ان التقارير قد قدّمت باللغة الإنكليزيّة فان مركز جنيف الدولي للعدالة لا يعتبر ان النصّ العربي الحالي يمثّل الترجمة الرسميّة لتلك التقارير بل محاولة لإعطاء صورة موجزة لمتابعينا عنها.
انتهاكات حقوق الإنسان الأساسيّة
يعتبر العراق من الدول التي لديها سجلّ موثق بشكل واضح جدّاً لانتهاكاتٍ جسيمة وواسعة النطاق لحقوق الإنسان. فمعدّلات الإعدام في العراق هي احدى أعلى المعدلات في العالم، ويمارس التعذيب وإساءة المعاملة بصورة ممنهجة وعلى نطاق واسع في السجون والمعتقلات، كما ان الاعتقالات التعسفية هي ممارسةٌ شائعة، وهناك نظام عدالة جنائية يعاني من قصور شديد، ويفتقر العراق إلى قضاءٍ مستقل. في مثل هذا الوضع المدمر، يمُنِع العراقيون من حرّية التعبير، وليس لديهم القدرة على عيش حياةٍ خالية من العنف أو الخوف.
استخدمت الحكومات العراقية المتعاقبة صعود تنظيم داعش ذريعة للسماح بمعدلات إعدامٍ عالية وشن اعتقالات تعسفية وتبرير احتجاز المتظاهرين السلميين - وكل ذلك تحت ستار "محاربة الإرهاب". وقد أدّى ذلك إلى بعضٍ من أكثر الانتهاكات فظاعة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني في هذا القرن.
حالات الاختفاء القسري
على الرغم من إنكار الحكومة، فإن عدد حالات الاختفاء القسري في العراق في تزايد مستمرّ. وقد أثبتت معلومات موثوقة لمركز جنيف الدولي للعدالة وجود أكثر من 420 مركز احتجاز سرّي في العراق، وفي الفترة ما بين 2-5 يونيو 2016، اختفى ما لا يقل عن 643 رجلا وفتى من مدينة الصقلاوية في العراق، في أعقاب ما سمّي "حملة التحرير" التي كانت تهدف إلى استعادة مدينة الفلوجة من داعش. فاعتباراً من ذلك التأريخ لم تصدر الحكومة بعد أي معلومات إضافية عن حالة التحقيق في مصير هؤلاء الأشخاص المفقودين، أو عن الذين تسبّبوا بذلك، أو أي خطوات أخرى تم اتخاذها في هذا الشأن. ونتيجة لذلك، ومن الواضح أن المطلوب هو أن يكون هناك تحقيق عاجل وسليم في كل شخص يبلغ عن فقدانه في العراق.
تعذيب
ومنذ عام 2014، عزّز العراق استخدامه للتعذيب، ويستخدم على نطاق واسع ضمن ما يسمّى "مكافحة الإرهاب". وقد مكّن ذلك سلطات الدولة (وحدات الشرطة وقوات الأمن وأجهزة الاستخبارات والجيش) وعلى نطاق اوسع (الميليشيات)، من ممارسة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة في مراكز الاحتجاز، والسجون، وحتّى في الشوارع. وفي المعتقلات، يُستخدم المحقّقون التعذيب لاستخراج المعلومات من المحتجزين والحصول على "اعترافات". ويتعرض هؤلاء المحتجزون للتعذيب حتى يعترفوا، أو حتى يوافقون على التوقيع على بيان لا يسمح لهم بقراءته. ولا تزال المحاكم العراقية تعوّل على هذه الأقوال أو الاعترافات بالإكراه لإدانة المتهمين الذين يحاكمون بتهمٍ خطيرة، وغالبا ما تكون النتيجة هي الحكم بالإعدام.
اعدامات بالجملة
وعند تطبيق عقوبة الإعدام، لا تحترم الحكومة العراقية معايير المحاكمة العادلة. وكثيراً ما يتعرّض المعتقلون للتعذيب أو يجبرون على الاعتراف بالجرائم أو الأعمال الإرهابية، وبعد ذلك بوقت قصير يحكم عليهم بالإعدام. وعلاوة على ذلك، وفي أعقاب غزو داعش للعراق في عام 2014، فان ذريعة "مكافحة الإرهاب" تُستخدم على نحو متزايد لتبرير ارتفاع معدلات الإعدام واستخدام قانون مكافحة الإرهاب لعام 2005، الذي ينصّ على عقوبة الإعدام لأفعال غامضة وليست بالضرورة اشدّ الاعمال جرماً، بما في ذلك ما سمّي "التهديدات التي تهدف إلى إثارة الخوف بين الناس". وفي هذا السياق، لا يزال هناك قدر مثير للانزعاج من عمليات الإعدام التي تنفذها الدولة. وفي يوم الاثنين 23 كانون الثاني / يناير 2017، أعدمت السلطات القضائية العراقية 31 شخصا بتهمة الإرهاب في يوم واحد. وكما هو الحال في الحالات السابقة، لم يتم الكشف عن أسماء من أعدموا، ولم تعلن الحكومة أي تفاصيل عن المحاكمة.
حرّية التعبير
إن العراقيين الذين ينتقدون المسؤولين وفسادهم علناً يواجهون التهديدات والاعتقال التعسفي والضرب والتحرش والملاحقة القضائية. وتقوم وحدات الشرطة والجيش الحكوميّان دائماً باقتحام المظاهرات، وتخويف المتظاهرين بتهديدات باستخدام العنف - والتي كثيراً ما تُنَفذّ. وفي إحدى الحوادث، في 11 شباط/ فبراير2017، تظاهر المئات داخل المنطقة الخضراء في بغداد، حيث تقع المقرّات الحكومة، محاولين لفت الانتباه إلى إخفاقات الحكومة، وانتهت قوات الأمن العراقية بإطلاق الغاز المُسيل للدموع والرصاص المغلّف بالمطاط على آلاف المتظاهرين، مما أسفر عن إصابة ما لا يقل عن 320 شخصاً، وقتل سبعة أشخاص.
الحقوق الاقتصادية والثقافية والاجتماعية
تنعدم الخدمات الأساسية في العراق بصورة شبه تامّة منذ الغزو الأمريكي عام 2003. وهنا يوضّح مركز جنيف الدولي في تقاريره انه لا يمكن إلقاء اللوم على عدم كفاية التمويل من اجل توفير الخدمات الأساسية، بل إن مليارات الدولارات إما سرقها موظفون حكوميون على اعلى المستويات، أو أهدرت على عقود ومشاريع وهمية تماماً. وقد دمر هذا الفساد الواسع أي ثقة في المؤسسات العامة وسلب البلد من التنمية السليمة. وكما هو الحال، فإن 60٪ من الأسر العراقية تعاني من ظروف معيشية دون المستوى المطلوب. ولا يوجد مصدر مناسب للمياه، مما يسهل انتشار الأمراض المنقولة عن طريق المياه وانتشار الأمراض، وأصبح الوصول إلى الرعاية الصحية أمراً مستحيلاً بالنسبة لمعظم السكان، وهو ما ينعكس في العدد غير الكافي من المهنيين الطبيين، وعدم كفاية المعدات، وقلّة الإمدادات الصيدلانية. وعلاوة على ذلك، فإن توفير الكهرباء آخذ في الانخفاض، ويعاني التعليم من الإهمال وسوء الإدارة، وهو ما يتضح من انخفاض معدل الإلمام بالقراءة والكتابة.
مناخ الإفلات من العقاب
منذ غزو العراق واحتلاله، جرى تدمير تام لمفهوم العدالة. وقد حلت حالة من الفوضى والعنف الطائفي محل سيادة القانون. وهذا ما سمح بالاختفاء القسري والاعتقالات التعسّفية والتعذيب والاعدامات خارج نطاق القضاء ليصبح الامر جزءاً من الحياة اليومية للعراقيين العاديين. وغالباً ما يتعرّض أولئك الشجعان الذين يحتجّون على هذه الاوضاع الة محاولات إسكاتهم بالقوة أو بالترهيب. ومن هنا فقد دعا، مركز جنيف الدولي للعدالة، الأمم المتحدة إلى اتخاذ خطوات فورية لبدء تحقيقٍ مستقل ونزيه في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في العراق.
العراق: نظام قضائي بلا عدالة
يعاني نظام العدالة الجنائية في العراق من التشويه والتعسف، وتبدو عمليّة اجراء محاكماتٍ عادلة الآن شبه مستحيلة. فالعديد من المدنيين يجدون أنفسهم معتقلين، وقد احتُجزوا تعسفا، وحُرموا من التمثيل القانوني، واخضعوا لمحاكمة غير عادلة - إذا تلقوا محاكمة على الإطلاق. وهذا يجعل العراقيين الأبرياء أن يعاقبوا ويقتلوا، مع حماية المسؤولين الحكوميين المذنبين، ومعاقبة وتدمير كل من يحاول صون القانون وتحقيق العدالة.
الفساد في القضاء العراقي
أصبح النظام القضائي معرضّاً بدرجة كبيرة للضغوط السياسيّة. ويخضع العديد من القضاة الآن لسيطرة الحكومة إما بالخوف أو التهديد أو الرشوة. وقد أدى ذلك إلى جعل الديمقراطية الحقيقية مستحيلة، حيث أنها عزّزت حالة سمح فيها لقضاة متحيزين للقادة والمسؤولين الحكوميين بأن يصبحوا فوق القانون. وقد أدى هذا الاستغلال القضائي إلى انتهاك الحقّ في محاكمة عادلة والى تقويض سير الإجراءات القضائيّة بصورة سليمة.
تقويض الحق في محاكمة عادلة
كما أوضح التقرير، فإن السلطات في العراق لا تحترم الإجراءات القانونية الواجبة ومعايير المحاكمة العادلة. ولذلك يُحتجز العراقيون بصورة روتينية، ويدانون بأدلّة غير مناسبة، ويُحكم عليهم باقسى الاحكام بما في ذلك الإعدام بتهمٍ غالباً ما تكون غير موثّقة او بناءً على شهادة مخبر سرّي تعدّ لأسباب شخصيّة او بطلب من احد الجهات والأحزاب الحاكمة. ويُحتجز الأفراد المتهمون بتهم الإرهاب في أسوأ الظروف التي لا يمكن تخيلها، ويحرمون من الحق في الدفاع الفعال. وفي أثناء المحاكمة، يستخدم القضاة الأدلة المكتسبة من مخبرين سريين لمتابعة الملاحقات الجنائية أو الاعترافات التي يقدّمها المعتقل أثناء التعذيب عندما يجبرون على الاعتراف بالجرائم أو الأعمال الإرهابية. وهذا يؤدّي الى ادانة المتّهمين بارتكاب جرائم، (غالباً ما تكون من جرائم الإرهاب)، دون أي أدلّة فعلية. لقد قوّض ذلك الحقّ الأساسي في المحاكمة العادلة، وخلق عملية قضائية ضعيفة تتناقض مع القانون الدولي الذي يقضي بضرورة احترام الإجراءات القانونية الواجبة فيما يتعلق بالقبض على جميع الأفراد وتوجيه التهم لهم واحتجازهم ومحاكمتهم.
عمليات الإعدام الحكومية
تستخدم الحكومة العراقية عقوبة الإعدام والإعدام خارج نطاق القضاء كأدوات للقمع السياسي، والقضاء على المعارضين السياسيين، والحفاظ على حكم الإرهاب على الشعب العراقي عموماً. وتشكل هذه الإعدامات التعسفية والواسعة النطاق للدولة جزءاً لا يتجزأ من القمع المنتظم الذي يشهده العراق، والذي استخدمته الحكومة للحفاظ على حكمها.
ذريعة "الإرهاب"
ومنذ اعتماد قانون مكافحة الإرهاب رقم 13 لعام 2005، تم تبرير أغلبية عمليات الإعدام التي قامت بها الدولة بذريعة "محاربة الإرهاب". ويجيز هذا التشريع فرض عقوبة الإعدام على كل من يرتكب عملاً إرهابيا أو تتهمه الحكومة بتمويل هذه الأعمال أو استفزازها أو التخطيط لها أو تمكينها. وبموجب هذا القانون، يمكن الحكم على شخص بالإعدام على أي من تهم الإرهاب ال 48، مما يعطي للمسؤولين العراقيين مبررات واسعة لتنفيذ عقوبة الإعدام.
وكما اوضح التقرير، فأن العراق لا يمتثل لمعايير المحاكمة العادلة التي يقتضيها القانون الدولي لحقوق الإنسان عند تطبيق عقوبة الإعدام. ويشمل ذلك حقوق المُدّعى عليه في توكيل محامٍ مناسب، وافتراض أن المتهم بريء إلى أن تثبت إدانته، وعدم إجباره على الاعتراف بالذنب. وعلاوة على ذلك، عندما يتم إعدام المواطنين العراقيين من قبل الدولة، فإن وزارة العدل لا تصدر إلا القليل من المعلومات عنهم وعن التهم التي وجّهت لهم، أو إداناتهم، أو ما أدينوا به، بل في أحيانٍ كثيرة لا يوجد حتى دليل على أسمائهم، أو ما إذا كانوا قد أجروا محاكمة على الإطلاق.
ويشعر مركز جنيف الدولي للعدالة بالقلق من حقيقة أن مئات المدنيين تعرضّوا في العام الماضي (2016)، لعقوبة الإعدام بهذه الطريقة حيث أصدرت المحاكم العراقية 92 حكما بالإعدام في ستة أسابيع فقط. ففي 13 تموز/ يوليه 2016، أعلن الرئيس العراقي أنه صادق على عدد من أحكام الإعدام الجديدة، دون تقديم أسماء أو عدد الأشخاص المعنيين بذلك، ولا أي معلومات أو أدلة بشأن الجرائم المزعومة. وفي الشهر التالي فقط، في 21 أغسطس 2016، أعدمت السلطات 36 شخصاً في يوم واحد لدورهم المزعوم في هجوم إرهابي عام 2014. وأدين هؤلاء الرجال، الذين انتزعت "اعترافاتهم" بالقوة اثر تعرّضهم الى التعذيب، بعد محاكمة معيبة وسريعة. وبعد أقل من ستة أشهر، شهدت محاكمة أخرى في 23 كانون الثاني / يناير 2017 اعدام 31 شخصاً آخرين لارتكابهم نفس الجريمة.
إن وجود المحاكمات الجائرة والتعذيب والإعدامات الجماعية يقوّض تماماً أي ادعاء بوجود عدالة. ومع وجود عدد كبير من الأرواح المعرّضة للخطر، فأنّه من الواجب أن يضغط المجتمع الدولي على العراق للالتزام بمعايير حقوق الإنسان التي تعّهد بها، بما في ذلك الحقّ في محاكمة عادلة واحترام الحقّ في الحياة.
الإعدامات السرية
وبينما اجتذبت عمليات الإعدام التي نفّذتها الدولة في العراق اهتماما واسع النطاق، فإن هنالك العديد من عمليات إعدام غير معروفة علناً. وفي آلاف الحالات، تقوم قوات الأمن العراقية باعتقال واحتجاز الأفراد دون إعطاءهم أو أسرهم أية معلومات عن الاعتقالات، أو مكان احتجاز المحتجز، أو حالتهم البدنية أو العقلية. يتم وضع هؤلاء المحتجزون في سجون سرّية، وحيث أن اعتقالهم واحتجازهم ليس معلوماً، فإنهم معرّضون بدرجة كبيرة لإساءة المعاملة من جانب قوات الأمن، الذين ينكرون لهم أي حقّ في العدالة أو المساءلة. وفي أغلب الأحيان، يُعدم هؤلاء المعتقلون سرّاً، وتظهر جثثهم بعد أيام أو أسابيع أو حتى شهور في أماكن عامة، مع وجود علامات واضحة على التعذيب ثم الإعدام. كما تؤدي ممارسة التعذيب في هذه المعتقلات إلى زيادة كبيرة في عدد الوفيات الناجمة عن ذلك.
ومن المقلق جدّاً أن النداءات الموجهة إلى العراق لوقف تنفيذ عمليات الإعدام بإجراءات موجزة، واحترام الحقّ في الحياة، قد تم تجاهلها تماماً. ونتيجة لذلك، يحثّ مركز جنيف الدولي للعدالة، المجتمع الدولي على اتخاذ إجراءات فعّالة لضمان التزام العراق بمعايير حقوق الإنسان التي تعهد بها - وإنهاء استخدام عمليات الإعدام في العراق.
العراق: اسكات الشعب
المعروف ان العراق طرفٌ في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية منذ عام 1971، الذي ينص على حرّية التعبير والتجّمع السلمي. ولكن بعد 46 عاماً، لا تزال هذه الحقوق مهددة بشكل خطير، والعراقيون الذين يعبرون علنا عن آرائهم يفعلون ذلك وهم في خطر كبير.
تقييد الحق في التجمع
لا تزال السلطات العراقية تعرّقل وتضايق المظاهرات السلمية التي يستخدمها المدنيون للاحتجاج على الفساد والمطالبة بحقوق مدنية وسياسية أكبر. وتستخدم قوات الأمن العراقية العنف ضد المتظاهرين - مما يؤدي في كثير من الأحيان إلى عواقب وخيمة. في مظاهرة واحدة، في المنطقة الخضراء في بغداد في 20 مايو / أيار 2016، استخدمت قوات الأمن الحكومية الذخيرة الحيّة والرصاص المطاطي وقنابل الغاز ضد المتظاهرين لمدة ساعتين - مما أسفر عن إصابة أكثر من 200 شخص وقتل أربعة متظاهرين. وفي احتجاج آخر في بغداد، في 11 فبراير / شباط 2017، أطلقت قوات الأمن العراقية قنابل الغاز المسيّل للدموع والرصاص المغلّف بالمطاط على آلاف المتظاهرين، مما أسفر عن إصابة ما لا يقل عن 320 شخصاً ومقتل سبعة أشخاص.
وبالإضافة إلى استخدام العنف لردع المتظاهرين، فقد وصمت الحكومة العراقية باستمرار المتظاهرون السلميون على أنهم "إرهابيون". ومن خلال الادعاء بأن المتظاهرين السلميين هم من الإرهابيين، فان السلطات الحكومية تستخدم ذلك ذريعة لاستهداف المدنيين الأبرياء الذين يبدون أي نوع من الخطاب المناهض للحكومة، وغالباً ما تعتدي عليهم بقسوة. وتظهر هذه الاجراءات التى تقوم بها الحكومة العراقية وقواتها الامنية فشلا واضحا فى الالتزام بالمادة 38 من الدستور العراقى التي يُفارض انها تضمن الحق فى "حرية التجمع والتظاهر السلمي".
حظر الصحافة الحرة
هناك عدد قليل من وسائل الإعلام المستقلة حقا في العراق، حيث ان معظم وسائل الاعلام تسيطر عليها الميليشيات، والأحزاب السياسية، أو الدولة. ويواجه الصحفيون العراقيون الذين ينتقدون المسؤولين علناً وينتقدون فسادهم التهديدات والاعتقال التعسفي والضرب والتحرش والملاحقة القضائية. وفي 24 آب/ أغسطس 2015، فقد سجّل المرصد العراقي لحرّية الصحافة 8 حالات اعتداء وطرد وتهديد وتحريض على القتل ضد الصحفيين الذين يغطون مظاهرات مناهضة للحكومة في البصرة والسماوة وبغداد وديالى.
وبالإضافة إلى العنف أو التهديد، تواصل السلطات تقيّيد حرّية الصحافة بعددٍ من الطرق الأخرى. وفي حزيران/ يونيو 2015، حصل علاء رسول محيي الدين، المفتش العام لوزارة الكهرباء، على 3 ملايين دينار عراقي (696 2 دولارا) عن قضيّة بادعاء "التشهير" بعد أن شكك الصحفي إبراهيم زيدان في سلامة إجراءات التفتيش التي يقوم بها. كما تمتد القيود على وسائل الإعلام إلى التلفزيون، وفي مارس/ آذار 2016، قرّرت لجنة الاتصالات والإعلام العراقية سحب رخصة العمل من محطّة تلفزيون (البغدادية)، كما فعلت الامر نفسه مع قناة الجزيرة في أبريل/ نيسان 2016، ادعاءً بان القناة تروّج لــ "خطاب إعلامي يحرّض على الطائفية والعنف ".
وفي عام 2017، يواصل العراق إسكات شعبه. لذلك، في حين يشدّد الدستور العراقي على الحقّ في حرّية التعبير، لكن في الواقع، فإن الاحتجاز والملاحقة القضائية والعنف ضد المتظاهرين السلميين والصحفيين المستقلين يدلّ على أن هذا الحق ليس إلا حبرٌ على الورق.
الاستنتاجات والتوصيات
في ضوء الانتهاكات الشنيعة لحقوق الإنسان التي يتعرّض لها المدنيون العراقيون والفساد الذي يعاني منه النظام القضائي ومناخ الإفلات من العقاب والخوف الذي يعاني منه البلد، وجّه مركز جنيف الدولي للعدالة والمنظمات الموقعة عدَّة توصيات إلى الأمم المتحدة وإلى مجلس حقوق الإنسان، منها:
• ينبغي أن يعيّن مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان مقرّراً خاصّاً لحالة حقوق الإنسان في العراق.
• إنشاء لجنة دولية مستقلة وايفادها الى العراق لإجراء تحقيقٍ كامل في جميع انتهاكات حقوق الإنسان المُرتكبة في العراق منذ عام 2003.
• ضرورة ان تقوم هيئات الأمم المتحدة ذات الصلة بإجراء تحقيقات بما قامت به الحكومة العراقية وقواتها من اساءات ومضايقات للحقّ في حرّية التعبير والرأي، والحقّ في حرية التجمع.
• على المجتمع الدولي أن يبذل كل ما في وسعه للضغط على الحكومة العراقية لوقف عمليات الإعدام ووقف أي استخدام مستقبلي لعقوبة الإعدام.
• أن يتعهد المجتمع الدولي بجميع التدابير التي تكفل حماية العراقيين وضمان حقّ الأفراد في التظاهر السلمي، وووقف استهداف المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء السلميين والصحفيين المستقلين.
• اتخاذ كافة التدابير لتعديل نظام العدالة المعيب في العراق من خلال إنهاء الاعتقالات التعسفية والاحتجاز والمحاكمات الجائرة وفرض عقوبة الإعدام خارج القضاء.
• إنشاء هيئة رقابة مستقلة للتحقيق في مزاعم الفساد، وإساءة استخدام السلطة وكذلك انتهاك السلطة القضائية للمعايير المهنية.
• ينبغي أن تكون هناك زيارات مستمرّة للعراق من قبل المقرّر الخاص المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير، والمقرّر الخاص المعني بحالات الإعدام خارج القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفا، والمقرّر الخاص المعني بمسألة التعذيب، والمقرّر الخاص المعني بالاستقلال من القضاة والمحامين.
• ضرورة ان يضطلع المجتمع الدولي بجميع التدابير التي تكفل امتثال العراق لالتزاماته الدولية وينهي انتهاكاته لحقوق الإنسان نهائيا.
To read in English please click here.
|
||||
Read online or download the full report in English. |
قراءة على الانترنت أو تحميل التقرير الكامل. |
|
قراءة على الانترنت أو تحميل التقرير الكامل. |
للمزيد عن متابعة مركز جنيف الدولي للعدالة للاوضاع في العراق:
https://www.gicj.org/ar/2017-01-13-21-33-26
بالانكليزية:
https://www.gicj.org/un-special-procedures-appeals/iraq