أهناك عدالتان؟ مواجهة عدم المساواة في النظم القانونية
الدورة التاسعة والخمسون لمجلس حقوق الإنسان
16 حزيران/ يونيو – 9 تموز/ يوليو 2025
البند 3: حوار تفاعلي مع المقرر الخاص المعني باستقلال القضاة والمحامين
25 حزيران/ يونيو 2025
بقلم إيلينا ريزنيك / مركز جنيف الدولي للعدالة (GICJ)
الملخص التنفيذي
عقد مجلس حقوق الإنسان، في دورته التاسعة والخمسين، حوارًا تفاعليًا مع السيدة مارجريت ساترثوايت، المقررة الخاصة المعنية باستقلال القضاة والمحامين. وقد استعرضت في تقريرها نتائج زيارتها إلى تشيلي، التي جرت في الفترة من 29 تموز/يوليو إلى 9 آب/أغسطس 2024، حيث أبرزت التقدّم المُحرَز في بعض المجالات، مقابل استمرار فجوات في المساواة داخل نظام العدالة. ورغم إقرارها بمتانة المؤسسات التشيلية واستقلال السلطة القضائية، فقد أشارت إلى أن شريحة واسعة من المواطنين ترى أن البلاد تشهد وجود «نظامي عدالة»: أحدهما مكرَّس للأثرياء، وآخر واقع على الفقراء.
حذّرت السيدة مارجريت ساترثوايت من تصاعد مقلق على الصعيد العالمي في الاعتداءات الممنهجة ضد العاملين في المجال القانوني، والتي تهدف في كثير من الحالات، إسكات صوت المدافعين عن حقوق الفئات المهمَّشة وإخضاع أصواتهم. وأكدت أن الإجراءات التأديبية والجنائية باتت تُستَخدم بشكل متزايد كسلاح لمعاقبة الفاعلين القانونيين المستقلين، ولا سيما أولئك الذين يقدمون روايات تتحدى الخطاب الرسمي للدولة أو يتولون الدفاع عن قضايا غير مرغوب الحديث حولها.
كما عبّرت وفود، من بينها الاتحاد الأوروبي وسويسرا وأوروغواي وإندونيسيا، عن دعمها الصريح لنتائج المقرّرة الخاصة، مشددة على الدور المحوري للمحامين في صون سيادة القانون وحماية المبادئ الديمقراطية. وفي الوقت نفسه، أبدت هذه الوفود قلقًا بالغًا إزاء تفاقم الأعمال الانتقامية، والمراقبة الرقمية التعسفية، والتدخلات السياسية التي تقوِّض نزاهة واستقلال الأنظمة القضائية.
يُعرب مركز جنيف الدولي للعدالة (GICJ) عن دعمه للنداءات العاجلة التي أطلقتها المقررة الخاصة بشأن تعزيز استقلال العاملين في المجال القانوني وضمان تمكّن الجميع من الوصول إلى العدالة. ويؤكد المركز على ضرورة ألا تُكرِّس النظم القانونية أوجه عدم المساواة القائمة في المجتمع، وعلى وجوب توفير الحماية للعاملين في المجال القانوني من التهديدات السياسية والقانونية والجسدية.
الخلفية والسياق
يُشكّل استقلال السلطة القضائية وحرية المهن القانونية ركيزتين جوهريتين لسيادة القانون وحماية حقوق الإنسان. وفي العديد من الدول، يواجه المحامون والقضاة ضغوطًا متزايدة، تشمل التهديدات والمضايقات وأعمالًا انتقامية مدعومة من الدولة، بسبب اضطلاعهم بالدفاع عن الأصوات المعارضة. وفي الديمقراطيات الهشة والسياقات المعرّضة للنزاعات، كثيرًا ما يُستغلّ الجهاز القضائي كأداة لترسيخ السيطرة السياسية وقمع المجتمع المدني.
على الرغم من الإقرار بقوة مؤسساتها، لا تزال تشيلي تواجه أوجه عدم مساواة داخل نظامها القضائي. ويكفل الإطار القانوني في تشيلي الحق الأساسي في محاكمة عادلة وعلنية، وفقًا لما تنص عليه المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والمادة 8 من الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان، اللتين صدّقت عليهما تشيلي. وتنعكس هذه الحقوق في دستور تشيلي لعام 1980، الذي يتضمن أحكامًا تتعلق بالضمانات القانونية الواجبة، والمساواة أمام القانون، والحق في الدفاع القانوني، وأمر المثول أمام المحكمة (habeas corpus)، والحماية من الاحتجاز التعسفي.
تخضع السلطة القضائية لأحكام الدستور وقانون تنظيم المحاكم لعام 1943 (القانون رقم 7421). وتكفل المادة 76 استقلال القضاء وتفرض الامتثال للأوامر القضائية. ويتطلب أي إصلاح لهيكل السلطة القضائية التشاور المسبق مع المحكمة العليا.
تنقسم تشيلي إلى سبعة عشر إقليمًا قضائيًا، لكل منها محكمة استئناف تُشرف على المحاكم الأدنى درجة. وتمارس المحكمة العليا سلطة إدارية وإشرافية على جميع المحاكم، بما في ذلك الهيئات القضائية المتخصصة مثل المحاكم البيئية أو محاكم النزاعات المتعلقة بالمشتريات. وتتولى المحكمة الدستورية، المؤلَّفة من عشرة قضاة يُعيِّنهم مختلف السلطات، مسؤولية ضمان دستورية القوانين والإجراءات، وتكون أحكامها نهائية وملزمة.
تعمل وزارة العدل وحقوق الإنسان كحلقة وصل بين السلطة التنفيذية والقضاء، وتضطلع بدور محوري في تعيينات القضاء، والإصلاحات القانونية، والإشراف على السياسات الإصلاحية وخدمات الدفاع القانوني.
أخيرًا، تُعد أنظمة العدالة الخاصة بالشعوب الأصلية جزءًا أصيلًا من هوية هذه الشعوب واستقلالها الذاتي واستمراريتها الثقافية، وتشكل ركنًا أساسيًا من حقها في تقرير المصير. وعلى الرغم من اتخاذ تشيلي بعض التدابير للاعتراف بوجهات نظر الشعوب الأصلية في الإجراءات الجنائية، لا تزال هناك عوائق هيكلية كبيرة، بما في ذلك التمييز اللغوي، ونقص المساعدة القانونية الملائمة ثقافيًا، والاعتراف المحدود بآليات العدالة الخاصة بالشعوب الأصلية. وتماشيًا مع المعايير الدولية، بما في ذلك إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية، تُحث تشيلي على الاعتراف الكامل بحق الشعوب الأصلية في الحفاظ على أنظمتها القانونية الخاصة وتطويرها، ودعم هذا الحق، وضمان دمجها في إطار العدالة الأوسع على نحو يحترم استقلالها الذاتي ويعزز وصول الجميع إلى العدالة.
ملخّص تقرير المقررة الخاصة
قدّمت المقررة الخاصة المعنية باستقلال القضاة والمحامين، السيدة مارجريت ساترثويت، تقريرها عقب زيارتها الرسمية إلى تشيلي في الفترة من 29 تموز/يوليو إلى 9 آب/أغسطس 2024. ورغم إشادتها بالمستوى المتقدم من التطور المؤسسي واستقلال القضاء في البلاد، إلا أن التقرير كشف عن أوجه خلل هيكلية عميقة وتحديات مزمنة تعيق تحقيق عدالة عادلة وشاملة للجميع.
وأشارت المقررة إلى أنه بالرغم من استقلال القضاة والمدعين العامين في أداء مهامهم، إلا أن التصور الشعبي السائد يعكس وجود نظام عدالة مزدوج: نظام يخدم الأغنياء وآخر يُهمش الفقراء. ويأتي هذا في سياق تفاقم الفجوة الاجتماعية، حيث تستحوذ 1% من السكان على 49.6% من الثروة، بينما تواجه الفئات الهشة، كالشعوب الأصلية والمهاجرين والنساء، عقبات جسيمة في الوصول إلى العدالة. وتُعد الثغرات في نظام المساعدة القانونية المدنية من أبرز العوامل التي تُكرس هذا التمييز، حيث تُحرم الفئات المهمشة اجتماعياً واقتصادياً من حقوقها الأساسية في التقاضي العادل.
أشادت السيدة ساترثويت في تقريرها بـالمهنية والاستقلال اللذين تتمتع بهما مؤسسة الدفاع الجنائي العام في تشيلي (Defensoría Penal Pública)، إلا أنها دعت إلى منح المؤسسة استقلالية إدارية ومالية كاملة، حيث لا تزال تعتمد هيكلياً على وزارة العدل، مما يعرضها لـهشاشة مالية. كما أشادت بـأكاديمية القضاء لدورها في توفير التدريب والتعليم القائم على الجدارة، رغم وجود بعض ممارسات التعيين التي تتجاوز خريجيها. ورحبت أيضاً بالجهود الرامية إلى إنشاء الخدمة الوطنية للوصول إلى العدالة، مشيرة إلى قدرتها على معالجة أوجه عدم المساواة المترسخة، شريطة توفير التمويل الكافي والتنفيذ الفعال.
سلط التقرير الضوء على أوجه القصور في التمثيل الجندري داخل السلطة القضائية، خاصة في المناصب العليا. فعلى الرغم من أن النساء يشكلن الأغلبية بين طلاب الحقوق وقضاة المحاكم الابتدائية، إلا أنهن لا يزلن ممثلات تمثيلاً ناقصاً بشكل ملحوظ في المناصب القيادية، مثل المحكمة العليا ومحاكم الاستئناف. ومع الترحيب بمبادرات مثل الأمانة الفنية للمساواة بين الجنسين التابعة للمحكمة العليا، إلا أن الحاجة لا تزال قائمة لإجراء إصلاحات هيكلية. كما كشفت التقارير عن حالات تحرش جنسي داخل الجهاز القضائي و عن وجود عوائق مؤسسية وثقافية تعرقل تحقيق العدالة، مما يستدعي وضع معايير أخلاقية ملزمة وإجراءات تراعي النوع الاجتماعي.
تظل تعيينات القضاة، خاصة في المحكمة العليا والدستورية، غير شفافة وخاضعة لتأثيرات سياسية. ودعت المقررة الخاصة إلى اعتماد نظام تعيينات شفاف، وأيدت المقترحات الرامية إلى نقل صلاحيات التعيين إلى هيئة مستقلة. وتُعد فضيحة "هيرموسيلا" دليلاً على الحاجة الملحة للإصلاح. كما اعتبرت أن الإطار الحالي لتقييم القضاة واتخاذ الإجراءات التأديبية معيب، حيث يعتمد بشكل مفرط على مقاييس الإنتاجية ويفتقر إلى مدونة سلوك ملزمة. وطالبت بإنشاء هيئة مستقلة ووضع مدونة وطنية من خلال عملية تشاركية.
يُعد الوصول إلى التمثيل القانوني من أبرز التحديات، حيث تُستثنى الطبقة المتوسطة من المساعدة القانونية العامة. ودعا التقرير إلى إصلاحات هيكلية لضمان المساواة في الوصول إلى العدالة بغض النظر عن الدخل. وفي المناطق الخاضعة لحالة الطوارئ، مثل "لا أراوكانيا"، تتعرض ضمانات المحاكمة العادلة للانتهاك، خاصة بالنسبة للمتهمين من شعب المابوتشي، من خلال تدابير مثل الاحتجاز المطول والتقييد. كما تستمر العقبات التي تواجه الشعوب الأصلية، بما في ذلك الحواجز اللغوية وغياب الخدمات الملائمة ثقافياً.
تتعرض المحاكم العسكرية والشرطة المحلية لانتقادات بسبب القوانين البالية والرقابة غير الكافية. وأوصت المقررة الخاصة بإصلاحات تركز على التدريب والبنية التحتية والتعيينات القائمة على الجدارة. أما المحاكم البيئية، فرغم تصميمها الجيد، إلا أنها تعاني من نقص الموارد ومحدودية الاختصاص القضائي. واقترحت تعزيز القدرات والخبرات القضائية في هذا المجال، بما في ذلك عكس عبء الإثبات عند الاقتضاء.
تضمن التقرير 29 توصية شملت مجالات مثل إصلاح المساعدة القانونية، واستقلال القضاء، والمساواة بين الجنسين، ومكافحة الفساد، وإنشاء آليات شكوى ميسرة للتبليغ عن سوء السلوك القضائي. وباختصار، أوصت المقررة الخاصة بما يلي: إنشاء هيئة مستقلة لتعيينات القضاة، إصلاح نظام المساعدة القانونية، تعزيز أخلاقيات القضاء، تحسين التكافؤ بين الجنسين، إلغاء تدابير الطوارئ التي تضر بشكل غير متناسب بالمجتمعات الأصلية، خاصة في منطقة أراوكانيا، مع ضمان معاملة عادلة للمتهمين من شعب المابوتشي، حث تشيلي على تنفيذ قرارات المحاكم الدولية ذات الصلة، إصلاح محاكم الشرطة المحلية والمحاكم البيئية، حماية القضاة من التهديدات مع صون حقهم في الخصوصية.
أخيراً، وفي التقرير الموضوعي المعنون "حق الشعوب الأصلية في الحفاظ على أنظمة العدالة وتطويرها"، شددت المقررة الخاصة على أن هذه الأنظمة تشكل ركيزة أساسية لتقرير المصير والهوية والبقاء الثقافي لمجتمعات الشعوب الأصلية. وأكدت أنه حيثما يتم الاعتراف الكامل بهذه الأنظمة، تترتب نتائج إيجابية تشمل تعزيز التماسك المجتمعي، وحل النزاعات بفعالية أكبر، وانخفاض معدلات الجريمة، وتحسين الإدارة البيئية، غير أنها لاحظت أن أنظمة العدالة الخاصة بالشعوب الأصلية تتعرض للتهميش الممنهج، إذ تخضع لقيود تحد من اختصاصاتها أو شرعيتها، أو تُواجه بـالتجاهل التام من قبل السلطات الوطنية. واستناداً إلى مساهمات هيئات معاهدات الأمم المتحدة، والخبراء الدوليين، وآلية الخبراء المعنية بحقوق الشعوب الأصلية، جددت المقررة الخاصة التأكيد على أن الشعوب الأصلية تمتلك حقاً أصيلاً، كما هو مكرس في إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية، في إدارة أنظمتها القانونية الخاصة. وشددت على التزام الدول القانوني بضمان الاعتراف بأنظمة العدالة الخاصة بالشعوب الأصلية وعملها على قدم المساواة مع أنظمة الدولة، داعية إلى إنشاء آليات تنسيق فعالة تضمن احترام التقاليد والاستقلالية الذاتية لهذه الأنظمة.
ملخص الحوار التفاعلي
البيان الافتتاحي
استهلت المقررة الخاصة تقريرها بالإشادة بتشيلي لـتقدّمها الملحوظ في مجال استقلال القضاء، معترفةً بـقوة مؤسساتها واستقلالية قضاتها ومدعيها العامين في أداء مهامهم اليومية. وأثنت على مكتب الدفاع الجنائي العام لـمهنيته العالية، وحثت الحكومة على منحه استقلالية تامة. كما نوهت بـدور الأكاديمية القضائية والهيئات المتخصصة مثل المحاكم البيئية.
إلا أنها أشارت إلى أن العديد من التشيليين يرون وجود نظام عدالة مزدوج: واحد للأثرياء وآخر للفقراء، مما يعكس أوجه عدم مساواة هيكلية عميقة. ورحبت بالجهود الجارية، مثل مقترح إنشاء الخدمة الوطنية للوصول إلى العدالة، الذي يخضع حالياً لمراجعة مجلس الشيوخ، مؤكدة على قدرته على تفكيك الحواجز الهيكلية في مجال المساعدة القانونية المدنية.
كما تناولت المقررة الخاصة المخاوف المتعلقة بـالمحسوبية في تعيينات المحكمة العليا. وحثت على إشراك نظام الإدارة العامة العليا في تشيلي في اختيار المرشحين القضائيين، ودعت إلى اعتماد تعيينات قائمة على الجدارة وفق معايير شفافة مثل الكفاءة والتدريب والنزاهة. بالإضافة إلى ذلك، شددت على أهمية الفصل بين الوظائف الإدارية والقضائية للمحكمة العليا.
وفي سياق تصدي تشيلي لتصاعد الجريمة المنظمة، حذرت من الاستراتيجيات العقابية التي قد تقوض حقوق الإنسان. وأعربت عن قلقها إزاء التقارير التي تفيد بأن القضاة والمدعين العامين الذين يتعاملون مع انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان يتعرضون لـمضايقات، خاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي ومن قبل شخصيات سياسية.
ومن بين توصياتها الرئيسية، دعت المقررة الخاصة إلى:
-
وضع إطار أخلاقي ملزم لجميع المحامين الممارسين.
-
إنهاء حالة الطوارئ الممتدة في منطقتي أراوكانيا وبيوبيو.
-
الاعتراف الرسمي بحقوق الشعوب الأصلية في الأراضي بموجب الدستور.
واختتمت ملاحظاتها حول الزيارة القطرية بـحث تشيلي على معالجة المشكلات الهيكلية المزمنة في نظامها القضائي، مؤكدة أن الإصلاحات الجادة ضرورية لاستعادة ثقة الجمهور.
التقرير الموضوعي: حق الشعوب الأصلية في الحفاظ على أنظمة العدالة وتطويرها
وانتقلت إلى تقريرها الموضوعي، حيث قدمت عنوانه: "حق الشعوب الأصلية في الحفاظ على أنظمة العدالة وتطويرها". وشددت على أن هذه الأنظمة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بـتقرير المصير والهوية والبقاء. وأشارت إلى أن الدراسات تُظهر أنه حيثما يتم الاعتراف الكامل بأنظمة العدالة الخاصة بالشعوب الأصلية، تنخفض معدلات الجريمة، وتتعزز استدامة حل النزاعات، وتتحسن حماية البيئة. ورغم هذه الفوائد، غالباً ما تتعرض أنظمة العدالة الخاصة بالشعوب الأصلية لـعدم الاعتراف أو التقييد أو إخضاعها للمحاكم العادية. وأوضحت أن بعض الدول تتجاهل هذه الأنظمة بالكامل، بينما تعترف بها دول أخرى لكنها تحد من اختصاصاتها أو سلطاتها.
استندت المقررة الخاصة في تقريرها إلى التوصيات السابقة التي قدمها المكلفون بولايات سابقة، بالإضافة إلى المساهمات الجوهرية من آلية الخبراء المعنية بحقوق الشعوب الأصلية، وهيئات معاهدات الأمم المتحدة، والخبراء الدوليين. وأكدت مجدداً على الحق الأصيل للشعوب الأصلية، كما هو مكرس في إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية، في إدارة أنظمتها القانونية الخاصة بها. كما جددت التزامها الراسخ بـحماية استقلالية جميع الفاعلين في مجال العدالة، بما في ذلك القائمون على أنظمة العدالة الخاصة بالشعوب الأصلية.
اختتمت المقررة الخاصة بيانها بعرض تفصيلي للحالات التي أثيرت في المراسلات الرسمية، تماشياً مع المعايير الدولية التي تُلزم بضمان ممارسة القضاة والمحامين لمهامهم بمنأى عن أي ضغوط أو تدخلات. وسلطت الضوء على حالة إسواتيني، حيث لم يُحرز أي تقدم في التحقيق في مقتل المحامي ثولاني ماسيكو، الأمر الذي كان له أثرٌ مُخيف على الأوساط القانونية. وفي هايتي، أعربت عن استنكارها لاغتيال القاضي مكسيم كاستيل والتقارير التي تفيد بتنفيذ أعضاء النيابة العامة إعدامات خارج نطاق القضاء. وحثت على إجراء تحقيقات فورية ومحاسبة المسؤولين لتحقيق العدالة.
لفتت المقررة الخاصة الانتباه إلى وضع بيلاروسيا، التي كانت محور فعالية "يوم المحامي المعرّض للخطر" لهذا العام، حيث يواجه المحامون هناك حملات قمع ممنهجة تشمل الإقصاء من المهنة والسجن. واستشهدت بحالة المحامي البارزة مكسيم زناك، الذي أُدين في محاكمة مغلقة سرية بالسجن عشر سنوات بسبب دفاعه عن شخصيات معارضة، ويقبع في الحبس الانفرادي منذ شباط/فبراير 2023. كما وجهت تحذيرًا بشأن الوضع في إثيوبيا، حيث اعتقلت الشرطة تعسفًا، في أواخر عام 2024، خمسةً وثلاثين قاضيًا وأربعة عشر مدعيًا عامًا.
بيان الدولة المعنية: تشيلي
رحبت ممثلة تشيلي بالمقررة الخاصة المعنية باستقلال القضاة والمحامين، معربة عن امتنانها لزيارتها الرسمية وللطابع البناء لتقريرها. وأعرب الوفد عن تقديره لكل من الاعتراف بالتقدم المؤسسي الذي أحرزته تشيلي والتوصيات التفصيلية التي تلقتها. وأشارت إلى أن هذه الزيارة وفرت فرصة مناسبة لإجراء حوار مفتوح وقائم على الاحترام والتعاون التقني بين الدولة والنظام الدولي لحقوق الإنسان.
وأعربت تشيلي عن تقديرها للإشادة التي حظيت بها عدة مؤسسات محلية، بما في ذلك مجلس دفاع الدولة، ومكتب الدفاع العام، والأكاديمية القضائية، وأمانة المساواة بين الجنسين وعدم التمييز التابعة للمحكمة العليا، واللجنة الرئاسية للسلام والتفاهم، والمحاكم البيئية. وأكدت الممثلة التشيلية أن الزيارة جاءت في لحظة حاسمة، حيث كانت البلاد قد بدأت بالفعل مناقشات لتحسين الحوكمة القانونية واستقلال القضاء. ووصفت توصيات المقررة الخاصة بأنها خارطة طريق قيّمة لتعزيز نظام العدالة، مؤكدة أن تشيلي تدرسها بجدية.
تعلقت إحدى التوصيات الرئيسية بـفصل الوظائف الإدارية عن الوظائف القضائية في المحكمة العليا. ورداً على ذلك، أشارت تشيلي إلى أن الحكومة قدمت مشروع قانون لإصلاح دستوري يهدف إلى إنشاء مجلس ترشيح قضائي ودعم هذا الفصل. ومع أن السلطة التنفيذية لا تستطيع ضمان اعتماد القانون بسبب مبدأ الفصل بين السلطات، إلا أنها أولت العملية التشريعية أولوية ودعماً كبيرين.
وبالتوازي مع الجهود التشريعية، نفذت السلطة القضائية مبادرات لتعزيز الشفافية وثقة الجمهور. ففي إطار خطة عمل "الدولة المفتوحة"، يهدف برنامج "القضاء الشفاف" إلى تحسين الوصول إلى المعلومات القانونية وتعزيز مشاركة المواطنين.
فيما يتعلق بالتحديات التي تواجهها الشعوب الأصلية في تفاعلها مع نظام العدالة، أقرت مندوبة تشيلي بأنه لا يزال هناك تقدم يجب إحرازه. ومع ذلك، أشارت إلى الجهود القائمة، مثل إدماج ميسرين متعددين الثقافات والتعاون مع الزعماء الروحيين لتقديم دعم أفضل لضحايا الشعوب الأصلية. وأخيراً، أقر الوفد بإشارة التقرير إلى غياب الاعتراف الدستوري بالشعوب الأصلية، مؤكداً الوعي بهذا التحدي المستمر و الذي ينبغي معالجته.
بيانات الدول الأخرى
أعربت غالبية الدول عن ترحيبها بالتركيز الموضوعي للمقررة الخاصة على أنظمة العدالة الخاصة بالشعوب الأصلية، مؤكدةً على أهمية استقلال القضاء، والتعددية القانونية، وضمان الوصول المنصف إلى العدالة. كما استعرضت عدة دول إصلاحات وطنية نفذتها، أو عبّرت عن شواغلها إزاء أوضاع أنظمتها القضائية الداخلية، أو التحديات الجيوسياسية التي تُلقي بظلالها على استقلال السلطة القضائية.
أعرب مندوب إندونيسيا عن تقديره العميق للجهود المتواصلة التي تبذلها المقررة الخاصة لتعزيز استقلال القضاء على الصعيد العالمي. وسلط نائب وزير حقوق الإنسان الضوء على الإصلاحات المحلية، مشيراً إلى أن إندونيسيا قامت بمراجعة قانون الإجراءات الجنائية لتعزيز حياد القضاء ومنح القضاة سلطة تقديرية أكبر لضمان محاكمات عادلة. كما تعمل البلاد على توسيع دور المحامين وتحسين الأجور القضائية، باعتبار ذلك وسيلة لحماية القضاة من الضغوط الخارجية. وأكدت إندونيسيا التزامها بـضمان الوصول إلى العدالة للجميع، خاصة من خلال تقديم المساعدة القانونية للفقراء، وتعهدت بمواصلة التعاون البنّاء مع ولاية المقررة الخاصة.
عبّر ممثل الاتحاد الأوروبي عن شكره للمقررة الخاصة على تقريرها، مؤكّدًا مجددًا دعم الاتحاد الكامل لولايتها. وأوضح التزام الاتحاد الأوروبي الراسخ بتعزيز سيادة القانون وحماية حقوق الشعوب الأصلية، بما في ذلك احترام مبدأ الموافقة الحرة والمسبقة والمستنيرة. كما شدّد على أهمية وجود أطر قانونية خالية من التمييز، وضرورة ضمان وصول جميع الأفراد، ولا سيما الشعوب الأصلية، إلى العدالة. وأبدى الاتحاد قلقًا خاصًا إزاء العقبات التي تواجه نساء وأطفال الشعوب الأصلية، إضافةً إلى كبار السن والشباب والأشخاص ذوي الإعاقة، وطالب المقررة الخاصة بتقديم توضيحات حول أبرز العوائق الشائعة التي تحول دون تمكّن نساء وفتيات الشعوب الأصلية من الوصول إلى العدالة.
تحدثت ممثلة غانا نيابة عن المجموعة الأفريقية، فشكرت المقررة الخاصة على تركيزها على حق الشعوب الأصلية في الحفاظ على أنظمة العدالة الخاصة بها وتطويرها. وأشارت إلى أن هذا الأمر يكتسي أهمية خاصة في أفريقيا، حيث تعتمد مجتمعات أصلية متنوعة منذ زمن طويل على آليات تقليدية تركز على العدالة الإصلاحية والمشاركة المجتمعية والمصالحة. وأكدت المجموعة الأفريقية أن هذه الأنظمة جزء لا يتجزأ من الهوية والتماسك الاجتماعي. ورغم أن العديد من الدول الأفريقية تعمل في إطار أنظمة قانونية تعددية، شددت المجموعة على ضرورة أن تتوافق آليات عدالة الشعوب الأصلية مع معايير حقوق الإنسان. ودعت إلى دعم المجتمع الدولي لدمج هذه الأنظمة ضمن الأطر الوطنية مع احترام استقلاليتها وأهميتها الثقافية.
رحب مندوب الدنمارك، نيابة عن دول الشمال الأوروبي ودول البلطيق، بالتقرير وأكد مجدداً دعم حقوق الشعوب الأصلية. وعرض أمثلة من منطقته: ففي غرينلاند، تدمج أنظمة العدالة تقاليد شعب الإنويت التي تركز على إعادة الإدماج، بينما في فنلندا، عززت الإصلاحات التشريعية الأخيرة تقرير مصير "شعب السامي". وتشمل هذه الإصلاحات إنشاء مجلس طعون للمسائل الانتخابية المتعلقة "ببرلمان السامي". وطلب الممثل من المقررة الخاصة أن تحدد ما تراه الخطوة الأكثر إلحاحاً لحماية وتعزيز المؤسسات القانونية للشعوب الأصلية.
أعرب مندوب بلجيكا، في بيان مشترك نيابة عن أكثر من 50 دولة طرفاً في نظام روما الأساسي، عن قلق بالغ إزاء العقوبات الأخيرة التي استهدفت مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية، بمن فيهم أربعة قضاة والمدعي العام. واعتُبرت هذه الهجمات محاولات لـتقويض استقلال المحكمة ونظام العدالة الدولية الأوسع. وأكدت الدول الموقعة دعمها الثابت للمحكمة الجنائية الدولية، مشددة على أن المحكمة تلعب دوراً حيوياً في التصدي للإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب. و دعوا جميع الدول إلى ضمان التعاون الكامل مع المحكمة الجنائية الدولية من أجل تعزيز القانون الدولي.
أعرب ممثل غواتيمالا عن شكره للمقررة الخاصة على جهودها في مجال تعزيز حقوق الشعوب الأصلية، مشيرًا إلى المبادرات الوطنية الرامية إلى ترسيخ التعددية القانونية، ومنها إنشاء مكتب الدفاع العام عن الشعوب الأصلية ومكتب دفاع المرأة. وأشاد بالزيارة الأخيرة التي قامت بها المقررة الخاصة إلى غواتيمالا، وما تخللها من تفاعل بنّاء مع المجتمع المدني ومؤسسات الدولة ومجتمعات الشعوب الأصلية. كما جدّدت غواتيمالا التزامها الراسخ باستقلال القضاء، ومكافحة تجريم العاملين في مجال العدالة والمدافعين عن حقوق الإنسان، مؤكدة عزمها على مواصلة الحوار مع ولاية المقررة الخاصة.
كما أعرب ممثل كولومبيا عن قلقه إزاء الاضطهاد السياسي وأوامر الاعتقال الصادرة بحق العاملين في مجال العدالة في غواتيمالا، وحثّ المقرر الخاص على متابعة هذه القضايا وضمان حمايتهم. وأكدت دول عديدة أهمية حقوق الشعوب الأصلية في الحفاظ على أنظمة العدالة الخاصة بها وتطويرها.
على سبيل المثال، أكدت ممثلة كندا على أن الأنظمة الاستعمارية تسببت تاريخيًا في تهميش وإقصاء التقاليد القانونية للشعوب الأصلية، مشيرة إلى الجهود الحالية الرامية إلى دمج أنظمة العدالة الخاصة بالشعوب الأصلية مع نظيراتها غير الأصلية. كما أبرزت المبادرات الحديثة التي تركز على تعزيز وعي وتثقيف العاملين في قطاع العدالة بهذه الأنظمة، وتخصيص موارد مالية لدعم الإصلاحات التي تقودها الشعوب الأصلية.
أعرب ممثل ملاوي، في إطار تأييده للمجموعة الأفريقية، عن اعترافه بـالدور المحوري لآليات العدالة العرفية في المناطق الريفية، على الرغم من عدم وجود شعوب أصلية معترف بها قانوناً. وأقر بضرورة مواءمة الآليات التقليدية مع المعايير الدستورية والدولية لحقوق الإنسان، خاصة فيما يتعلق بالمساواة بين الجنسين والفئات المهمشة. وأشار إلى أن البلاد تقوم بإصلاحات قانونية لـدمج القانون العرفي والقانون الوضعي، ورحب بالتوجيهات المتعلقة بـحماية الحقوق ضمن أنظمة العدالة التعددية.
أكد ممثل الأرجنتين التزام بلاده الدستوري بمبدأ المساواة أمام القانون وضمان حقوق الشعوب الأصلية، معترفًا بوجودهم التاريخي ومؤكدًا على مواطنتهم الكاملة، بما يشمل حقهم في الوصول إلى العدالة دون أي شكل من أشكال التمييز. كما أبرز الوفد الآليات المعتمدة لضمان تيسير الوصول اللغوي والثقافي داخل منظومة العدالة، مشددًا على أن للشعوب الأصلية الحقوق ذاتها والواجبات نفسها التي يتمتع بها سائر المواطنين.
شدد ممثل الصين على أن الإصلاح القضائي وترسيخ سيادة القانون يشكلان حجر الأساس في حماية حقوق الإنسان. واستعرض المبادرات الوطنية الهادفة إلى صون استقلال القضاة والمحامين، بما في ذلك إنشاء آلية متعددة الجهات لمنع أي تدخل غير مشروع وتقديم الدعم المهني للعاملين في الحقل القانوني. كما دعا المجتمع الدولي إلى اعتماد تدابير توافقية لتعزيز ودعم الأنظمة القانونية الخاصة بالشعوب الأصلية.
أعرب ممثل بولندا عن تأييده للاتحاد الأوروبي، وأدان قمع المحامين في بيلاروسيا. وشدد على أن استقلال القضاء هو أساس الديمقراطية، وعرض الجهود المحلية والدولية التي تبذلها بولندا لدعم هذا المبدأ، بما في ذلك التوقيع على اتفاقية مجلس أوروبا بشأن حماية المحامين. واقترح تعاوناً مستقبلياً بين المقررة الخاصة وفريق خبراء مجلس أوروبا القادم.
سلط مندوب أوكرانيا الضوء على الاضطهاد الممنهج في القرم المحتلة، حيث يواجه محامو تتار القرم والمدافعون عن حقوق الإنسان القمع والمحاكمات الصورية والفصل من المهنة. ووصف الوفد هذا بأنه انتهاك مباشر لمبادئ الأمم المتحدة بشأن دور المحامين، وحث المجلس على دعم إعادة المحامين المفصولين إلى مهنتهم وتعزيز المراقبة المستقلة في الأراضي المحتلة.
أكد ممثل روسيا أن دستور بلاده يكفل للشعوب الأصلية مساواة تامة في الحقوق القضائية، بما في ذلك حق الوصول إلى المحاكم والحماية القانونية لأراضيهم التقليدية. وأوضح أن أفراد هذه الشعوب يتمتعون بكامل الضمانات في الإجراءات القانونية، مع إتاحة الفرصة لأعضاء مجتمعاتهم للمشاركة في الهيئات القضائية. وشدد على أن روسيا تكفل صون حقوق الشعوب الأصلية ومعالجتها من خلال منظومتها القانونية الوطنية.
أعربت ممثلة جزر مارشال عن دعم بلادها الراسخ لحقوق الشعوب الأصلية في إرساء العدالة استنادًا إلى قوانينها وأعرافها الموروثة عبر الأجيال. وأكدت أن قضايا ملكية الأراضي تمثل مجالًا جوهريًا يتجلى فيه الدور المحوري للقانون العرفي، داعية المجتمع الدولي إلى احترام اختصاص المؤسسات القانونية للشعوب الأصلية وتقديم الدعم لها. كما حثت الدول على الامتناع عن تجريم الممارسات القانونية المتجذرة في تقاليد هذه الشعوب.
أوضح مندوب السودان أن بلاده أنشأت محاكم ريفية يرأسها زعماء المجتمعات المحلية ويتمتعون بسلطة قضائية كاملة. وتختص هذه المحاكم بتطبيق القانون العرفي تحت إشراف المحاكم العليا لضمان احترام معايير العدالة. واعتبر المندوب أن هذا النموذج التعددي يشكل آلية فعّالة للوقاية من النزاعات وتعزيز مسار العدالة الانتقالية في مجتمع يتسم بالتنوع.
أكدت ممثلة المكسيك التزام بلادها الدستوري بطابع الدولة متعدد الأعراق والثقافات، معترفة بحق الشعوب الأصلية في تقرير المصير والحفاظ على أنظمتها القانونية الخاصة. وأكدت دعم بلادها للتنسيق القضائي بين اختصاصات الدولة واختصاصات الشعوب الأصلية، مشددة على ضرورة إجراء إصلاحات هيكلية لتعزيز الثقة في الأنظمة القانونية، وضمان الاستقلالية والمساءلة.
بيانات المنظمات غير الحكومية
قدمت المنظمات غير الحكومية وجهات نظر متنوعة بشأن حالة استقلال القضاء على الصعيد العالمي. فقد دافعت بعض هذه المنظمات عن الأنظمة القائمة، مشيرة إلى أن السلطة القضائية في هونغ كونغ لا تزال تتمتع بالاستقلال، وأن العقوبات الأجنبية، ولا سيما تلك الصادرة عن الولايات المتحدة، تفتقر إلى المبرر القانوني. في المقابل، سلطت منظمات أخرى الضوء على التحديات الناشئة، بما في ذلك التأثير المحتمل لتقنيات الذكاء الاصطناعي على نزاهة القضاء، مؤكدةً الترحيب بالمبادئ التوجيهية الوطنية المصممة للتخفيف من المخاطر المرتبطة بذلك.
أعربت العديد من المنظمات غير الحكومية عن بالغ قلقها إزاء القمع المنهجي الذي يتعرّض له المحامون في بعض الدول، مشيرة إلى حالات متواصلة من الفصل من المهنة والاعتقال والاختفاء القسري لمحامي حقوق الإنسان، لا سيما في الصين. كما نبه الممثلون إلى استمرار تجريم العاملين في مجال عدالة الشعوب الأصلية في تشيلي وغواتيمالا، داعين إلى إصلاحات هيكلية واعتراف قانوني رسمي بالأنظمة العرفية. ولفتت المنظمات الانتباه أيضًا إلى فصل القضاة في جزر المالديف وتسييس الإجراءات التأديبية في تونس، مسلطة الضوء على تآكل ضمانات المحاكمة العادلة. وانتقدت إحدى المنظمات اتفاقية ثنائية بين الولايات المتحدة والسلفادور التي تتيح الاحتجاز خارج نطاق القضاء للمهاجرين دون تمثيل قانوني، في حين أدانت منظمات أخرى العقوبات الأمريكية ضد مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية، محذرة من أن مثل هذه الإجراءات تهدد استقلالية آليات العدالة الدولية. ودعت المنظمات غير الحكومية بشكل جماعي إلى: تعزيز الضمانات والحماية للمهنيين القانونيين، الاعتراف رسميًا بأنظمة العدالة الخاصة بالشعوب الأصلية، ضمان حقوق المحاكمة العادلة في جميع الولايات القضائية.
الملاحظات الختامية للمقررة الخاصة
في بيانها الختامي، ركزت المقررة الخاصة على ثلاث نقاط رئيسية:
1- إنهاء تجريم سلطات الشعوب الأصلية: أدانت المقررة بشدة محاولات تجريم قادة الشعوب الأصلية، لا سيما في غواتيمالا، حيث يُستهدفون لمجرد ممارسة أدوارهم التقليدية.
2- الاعتراف الرسمي بأنظمة العدالة الخاصة بالشعوب الأصلية: أشادت بالخطوات الدستورية التي اتخذتها تشيلي، ودعت إلى الاعتراف الرسمي بأنظمة العدالة الخاصة بالشعوب الأصلية كأنظمة متعايشة ومتساوية مع المؤسسات القانونية الوطنية. كما أكدت على ضرورة إنشاء آليات تنسيق قائمة على المساواة والاحترام المتبادل بين النظامين.
3- الغاية الأوسع للولاية: أوضحت أن الدفاع عن استقلال العاملين في مجال العدالة لا يقتصر على حماية المهنيين القانونيين فحسب، بل يسعى أيضًا إلى تعزيز سيادة القانون وضمان وصول متساوٍ إلى العدالة لجميع الأفراد. وحذرت من وجود حملة عالمية تستهدف العاملين المستقلين في قطاع العدالة، داعية جميع الدول إلى اتخاذ إجراءات جدية ومنسقة لمواجهة هذا الاتجاه.
موقف مركز جنيف الدولي للعدالة
يشيد مركز جنيف الدولي للعدالة بالجهود البارزة التي تبذلها المقرّرة الخاصة المعنية باستقلال القضاة والمحامين، ويؤكد دعمه التام للتوصيات الرامية إلى تعزيز الوصول إلى العدالة للجميع، لا سيما للفئات المهمشة. ويعرب المركز عن بالغ قلقه إزاء التراجع العالمي لاستقلال القضاء، الذي يظهر غالبًا من خلال التدخل المباشر أو غير المباشر، وإساءة استخدام الأنظمة القانونية لقمع المعارضة، واستهداف المهنيين القانونيين المدافعين عن حقوق الإنسان. ويؤكد المركز أن هذه الممارسات لا تقوض فقط سيادة القانون، بل تكرس أيضًا التمييز الممنهج. ويحث جميع الدول على اعتماد ضمانات هيكلية لحماية القضاة والمحامين، وضمان توفير أنظمة مساعدة قانونية عادلة وشاملة، وإزالة كافة الحواجز القائمة على النوع الاجتماعي أو العرق أو الوضع الاجتماعي والاقتصادي. ويؤكد المركز أن العدالة يجب أن تكون محايدة وميسورة ومحمية من أي تلاعب سياسي، لتكون ركيزة حقيقية لكرامة الإنسان والمساءلة. ويشدد على أن الوصول إلى العدالة ليس امتيازًا، بل حق أصيل يجب تمكين الجميع من ممارسته على قدم المساواة.
المراجع
مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة (2025) زيارة إلى تشيلي: تقرير المقررة الخاصة المعنية باستقلال القضاة والمحامين، مارغريت ساترثويت، A/HRC/59/52/Add.1. متاح على الرابط: https://docs.un.org/en/A/HRC/59/52/Add.1 ((تاريخ الوصول: 25 حزيران/ يونيو 2025).
مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة (2025) تقرير المقررة الخاصة المعنية باستقلال القضاة والمحامين، مارغريت ساترثويت، حول زيارتها إلى تشيلي: تعليقات الدولة، A/HRC/59/52/Add.2. متاح على الرابط: https://digitallibrary.un.org/record/4083353?v=pdf (تاريخ الوصول: 2 تموز/يوليو 2025).
.Read this discussion report in English
.Lisez ce rapport en français