المتحدث:

السيد علي اركادي: مصور صحفي و مخرج عراقي. يعمل اركادي كمصور حر منذ عام 2006

مدير الندوة:

السيد كريستوفر جاورنيسكي: مسؤول شؤون حقوق الانسان في مركز جنيف الدولي للعدالة

المنظّمون: المنظمة الدولية للقضاء على كافة اشكال التمييز العنصري, منظمة المحامون الدوليون و مركز جنيف الدولي للعدالة

مفهوم الندوة:

ان الإختفاء القسري، الجرائم المتعلقة بالتعذيب و القتل خارج نطاق القضاء هي قضايا مستمرة في العراق لكنها لا تحصل على انتباهٍ كافٍ من المجتمع الدولي و لا يوجد مجهود فعلي لمعالجة المسألة. الحكومة العراقية ادعت ان من يقوم بهذه الجرائم ليسوا إلا بضعة أفراد يعملون لوحدهم دون اوامر من قيادات الجيش او الامن. و لكن للاسف تبين ان الامر ليس كذلك. و عندما تُرتكب هذه الجرائم على نطاق واسع و من قبل قوات النظام في صراع مسلح, فتعتبر جرائم حرب و جرائم ضد الإنسانية.

كان المتحدّث الوحيد في الندوة هو السيد علي أركادي، مصور صحفي و مراسل حربي حرّ عراقي. يمتد عمله عشرة سنوات و يشمل نطاقٍ واسع من المواضيع من توثيق الحياة اليومية في دار ايتام في بغداد الى المراسلة من على(الجبهة) الخطوط الامامية في الحرب على داعش. منذ عام 2014 عمل مع وكالة للتصوير و كالات اعلامية دولية. كان اركادي شاهد عيان على التعذيب و الإعدام المنهجي للمدنين فترة عمله و اندماجه مع فرقة قوات عراقية خاصّة تحارب لاستعادة الموصل من داعش. عرض علينا  الصحفي في هذه الندوة ستة جرائم حرب شهدها و وثقها بين 18 تشرين الاول و 22 كانون الاول 2016. المنظمة الدولية للقضاء على كافة اشكال التمييز العنصري و مركز جنيف للعدالة يقومون منذ سنوات بالابلاغ عن هذ الجرائم لاجهزة الامم المتحدة و تحديداً مجلس حقوق الإنسان.

مقدمة الندوة و تقديم المتحدث:

افتتح مدير الندوة، السيد جاورنسكي, الندوة بملاحظة هامّة عن الإختفاء القسري و الجرائم المتعلقه به في العراق: ان هذه الجرائم منتشرة و متفشية في العراق و انه من الصعب التقليل من حجم الموضوع. منذ عام 2014 تم التوثيق و الإبلاغ عن العديد من الجرائم المرتكبة على يد داعش منها الاختطاف, التعذيب و اعدام عدد لا يُحصى من الناس. ولكنه اضاف ان هذه التصرفات الوحشية لا تقتصر على مقاتلين داعش فقط بل تشمل ملشيات عراقية و حتى قوات الجيش و حفظ الامن الرسمية. ثم قام بتقديم المتحدّث وحذّر جمهور  الحاضرين من الحديث ستضمن صوراً و مقاطع فيديو قد تكون مزعجة و صادمة.

بدأ السيد اركادي عرضه بالتحدّث عن مسيرة عمله التي تمتدّ عشر سنوات و تشمل توثيق الحياة اليومية في دار ايتام في بغداد و المراسلة من على الخطوط الامامية (الجبهة) في الحرب على داعش. الجرائم التي شهدها  و ثقها تشمل عناصر من قوات الرد السريع في العراق و هي احدى قوات النخبة العراقية ضمن تشكيلات وزارة الداخلية و جزء من الشرطة الاتحادية.

تكلم عن حالة اختفاء قسري جماعي في الصقلاوية ضمن قضاء الفلوجة حيث اختفى 643 شخصاً في ليلة ال 3 من حزيران 2016. اضاف ان هذه من اهمّ و اكبر قضايا الاختفاء القسري في العراق و ان منظمو هذه الندوة قد قاموا بإبلاغ مجلس حقوق الإنسان عن هذه القضية. و اكد ان التقرير الذي نشره مركز جنيف الدولي للعدالة عن هذه القضية بعنوان (الفلوجة ـ من داخل مذبحة الإبادة) قد دفعه للتواصل مع المنظمة. قام بعد ذلك بعرض مقطع فيديو عناصر من ملشيات حزب الله العراقية يقومون فيها باستجواب شاب و تهديده بالحرق حياً اذ كان مذنب. احد العناصر يقوم بذكر تلك القضية عن الاختفاء القسري الجماعي.

قال الصحفي خلال حصار الفلوجة انه كان مندرج مع وحدة من قوات الرد السريع تحت قيادة الكابتن عمر نزار و العريف حيدر علي. صورهم اركادي كمحررين للعراق، كصديقين منذ ثمانية سنوات الاول سنّي و الثاني شيعي يقاتلان جنباً الى جنب لتحرير البلاد من داعش و التطرف الديني. و لكن كل هذا كان قبل ان يشهد كيف كانوا يعتقلون ويعذبون المدنيين الأبرياء او كيف يخطفون الازواج و يعتدون جنسياً على زوجاتهم.  بعد ان كسب ثقتهم و حصل على الموافقة من اجل مشروعه الوثائقي من قبل القائد العام ثامر محمد اسماعيل الحسيني و الملقب "ابو تراب" واصل اركادي توثيق عمليات قوات الرد السريع حول الموصل في تشرين الاول 2016. خلال هذا الوقت بدأ يفهم كيف تسير الامور في قوات الرد السريع.

بدأ السيد اركادي الجزء الرئيس من وثائقه بعرض بعض الأمثلة على الجرائم التي وثّقها بنفسه. المثال الاول من الجراثم: حالة تعذيب شهدها لرجل يدعى (علي) تم اعتقاله في حمام العليل في محاولته الهروب من الموصل. تم احضار علي الى مقر وحدة القناصين قرب قرية قبر العبد و تم التحقيق معه لمدة ثلاث ساعات و تعرضه للضرب من قبل بعض العناصر. وصف اركادي كيف سكب الكابتن ماء على علي, قام بالجلوس على صدره و خنقه بقطعة بلاستيك و علي يركل الارض مستنجداً. سُمح لاحقاً لعلي بالعودة لمنزل اخته شيماء. شُجع اركادي على اخذ الصور من عملية الاستجواب لكن لم يسمح له بتصوير اي عملية تعذيب.

في عملية اخرى، روى الصحفي كيف حصل الكابتن ثامر الدوري من مصدر داخل قرية (قبر العبد) معلومات عن داعشي مزعوم يُدعى (رعد هندية) وقد تمّ اعتقاله على الفور. وصف اركاي كيف وجّه الكابتن مسدسه نحو رعد، رماه أرضا، جلس على صدره و قال له انه سيموت. لم يكن الكابتن متأكد اذ كان رعد مقاتل ام لا و اخيراً تم اعادة رعد لعائلته. لكن بعد مدّة قصيرة تم اعتقاله مرّة اخرى و احضره الكابتن عمر و ثامر الى مقر قوّات الرّد السريع. وصف كيف قام الكابتن احمد بضرب ساقي رعد بمطرقة بينما قام عناصر بخنق رعد بقطعة نايلون. خنقوا رعد عدّة مرات و قاموا بكسر اواني فخار على رأسه. تم نقل رعد بعد ذلك الى قسم الاستخبارات. رافق الكابتن عمر اركادي الى زنزانة رعد في قسم التعذيب حيث شهد الصحفي كيف قام معاون المدير بضرب ساقي رعد المتورّمتين بعصاةٍ خشبية. علم اركادي لاحقاً ان عناصر من قسم الاستخبارات قاموا بقتله.

قام اركادي بعرض فيديو يظهر فيه ثلاثة وحدات مع الاتفاق مع قسم الاستخبارات في  قوات الرد السريع يقومون بعملية مداهمة ليلية. الهدف المعلن من هذه العملية اعتقال مسؤول داعشي في حمام العليل. فشلت العملية في العثور عليه و لكن تم لاحقاً اعتقال رجل اسمه راشد المعني.  الفيديو يظهر كيف ان الكابتن عمر يسحب راشد بعنف من الفراش و يثبته بالحائط بينما زوجته و اولاده يبكون. اجبر راشد على ترديد البيعة (البيعة لتنظيم داعش) تحت الضرب المُبرح كي يصورون انه ينتمي الى داعش. طلب من اركادي ان يقطع التفاصيل و ان يعرض اخر مقطع فقط كي يظهر ان راشد يستطيع ان يردّد البيعة دون مشكلة. بعد عدّة ايام قامت وحدة الاستخبارات باعتقال راشد و اخذه الى المقرّ. علم اركادي من عنصر في الاستخبارات ان راشد توفي تحت التعذيب رغم ان عمر و العنصر كانوا على علم ان راشد بريء. بعد عدة ليالي قام الكابتن عمر باغتصاب زوجة راشد و هي لا تعلم بمقتل زوجها.

بما يتعلق بالقضية الرابعة, قام اركادي بعرض مقطع اخر لمهدي محمود و هو راعي من قرية (قبر العبد). تم اعتقاله لان شرطي اتحادي اتهمه بانه داعشي. يظهر مهدي في الفديو مكمّم و معلّق من المعصمين في الهواء و يتم ضربه و صفعه.  و قال اركادي ان هذه اول مرة سُمح له بتصوير مشهد تعذيب. قام الكابتن ثامر الدوري باستجواب ابن مهدي، احمد و هو يقوم بصفعه عدّة مرات. اضاف اركادي انه قد سُمح فيما بعد لأحمد بالعودة الى المنزل و لكن عناصر من قسم الاستخبارات قاموا بإعدام والده مهدي.

الحالة الخامسة كانت عن شقيقين قد تم احضارهم الى قاعدة قوات الرد السريع في بزواية. قال ابا الفضل انه لا حاجة لاستجواب الشقيقين لانه من الواضح انهم "دواعش". قام ابا الفضل بغرس اصابعه في عيني ليث و قال له "اطلع عينيك اذا ما تكول الحقيقة" بينما كان رجل يدعى علي عبد حسن (الملقب فايروس ـ يعمل كمنسق و مترجم بين قوات التحالف و الرد السريع) يعذّب الشقيق احمد في غرفة اخرى. استخدم قفازات العمال لفتح و كسر فك احمد. وصف اركادي كيف جلس عسكري على ظهره و وضع سكينة خلف اذنه و احمد يصرخ من الالم. علم اركادي لاحقاً ان العساكر قتلوا الشقيقين في الصباح التالي

 

في اخر مثال، تحدّث اركادي عن مداهمة ليلية غير رسمية قاموا بها في كانون الاول 2016. قامت وحدة باعتقال شخص يسمّى (احمد حميد ) و القبض على رجلين اخرين. تم احضارهم معصوبي العينين و ايديهم مربطة خلف ظهرهم للكابتن عمر في مقر قوات الرد السريع. اخر مرة رأهم اركادي فيها كان الكابتن يأمر ان يتم تجريد المعتقلين من ملابسهم. علم اركادي لاحقاً من عباس حسون انه (عباس) اغتصب احمد و ان هذا النوع من الافعال شائع جداً و كان متفق عليه مسبقاً.

 

انهى السيد اركادي عرضه بالقول ان الجرائم التي شهدها لا تمثل الا جزء بسيط من الجرائم التي ارتكبتها قوات الرد السريع. عناصر قوات الرد السريع قاموا بعمليات اعدام، ارتكبوا افظع الجرائم و العنف الجنسي على المدنيين مع موافقة و دعم تام من اعلى السلطات في قوات الرد السريع. اضاف ان لا احد من الضحايا الذين اتهموا انهم دواعش قد سمح لهم بالتقدم امام محكمة لاثبات برائتهم او ادانتهم. رغم ان اركادي نشر العديد من الادلة التي تدين و تكشف الغطاء عن جرائم القوات العراقية و اعترفت وزارة الداخلية العراقية ببعض الجرائم المرتكبة الا انه لم يتم ادانة او معاقبة اي عنصر او ضابط الى اليوم. على العكس, الكثير منهم حصلوا على ترقيات و اوسمة شرف.

 

اسئلة و أجوبة

بناء على الوقت المتاح كان هنالك فرصة لطرح اسئلة من قبل الجمهور الموجود. توجّه احد الحضور بسؤال فيما اذ كان السيد اركادي يعتقد ان توثيقه و نشره لهذه الجرائم غير او سوف يغير شيء. اجاب بان اذا عمل المجتمع المدني و المنظمات الدولية سوية على المدى الطويل فسوف نصل لنتيجة اجابية.

وسأل آخر عن مكان اركادي في القوات و كيفية تحمّله  هذه الاجواء نظراً لقسوة و فظاعه الصور المعروضة. كيف التحق بالقوّات؟ هل كان عنصراً منهم؟كيف استحمل ان يكون مع قوات الردّ السريع و كيف يتعايش مع الامر بعد الاحداث التي شهدها؟ رد بالقول ان عندما يريد الناس العمل على موضوع ما بعمق فانه يجب عليهم التواجد في المكان للتوثيق. وبالنسبة له فقد قرّر ان توثيق هذه الجرائم هي مهمته و واجبه. منذ ان نشر المعلومات و هو مهدّد و لا يستطيع العودة الى العراق. تم تهديد عائلته و اصدقائه ايضاً لكنّه فخور بانجازه و فخور بهويته كعراقي. اشار الى انه كان يريد ان يحقق من هم وراء داعش و من هي القوات الحكوميّة التي تتولى قتالهم. بعد انتهاء مشروعه اكتشف ان قوات الحكومة أسوء من داعش لاستخدامهم انتصارهم على داعش لقتل الناس و استغلال الاطفال في الشوارع و الاستمرار في حربهم الطائفية.

السؤال الثالث كان عن مقاطع الفيديو و الصور المعروضة. اوضحت سيدة من الجمهور انه لا فرق بين داعش و قوات النظام العراقية في القتل و الوحشية و هذه الصورة عكس ما تراه على الاخبار عن القوات العراقية و الحرب على داعش. سئلت ان كان هناك لو فرق بسيط بين الاثنين. هل قوات النظام و حفظ الامن احسن لو بقليل؟ رد اركادي بالقول ان عند دخول داعش العراق جلبوا معهم الرعب و الخوف والعنف و العديد من الناس عانت من وجودهم و نظامهم. و لكن هذا الشيء كان متوقع  من حركة متطرفة و كانت تعلن ذلك علناً  أي (على المكشوف). هذا التصرّف لم يكن متوقعاً من قوات النظام العراقية. هذا العنف كان جزء من تدريبيهم منها اساليب تدريب تعلموها من القوات الخاصة الامركية. بالنهاية هما وجهان لنفس العملة و بعد ما رأه على مواقع التواصل الاجتماعي فالقوات العراقية تستخدم نفس اساليب داعش.

أضاف احد الحاضرين انه من الغريب المقارنة بين داعش و القوات العراقية، وأشار الى أن النقاش قد عرض وجهة نظر واحدة و طرف واحد من السيناريو في العراق. اجاب مدير الندوة انه تم توثيق جرائم داعش بشكل مكثف في الاعلام و الامم المتحدة تقوم ايضاً بالتحقيق في ذلك. لكن الجانب الذي عرضه السيد اركادي نادراً ما يُذكر او ينشر عنه و لهذا السبب قرّرنا التركيز عليه في هذه الندوة.  

 

 

شاهدوا الندوة بالكامل ادناه

  ـ يرجى العلم بوجود بعض المشاهد الصادمة في الفيديو  ـ

 

  


                                                              

 

 

                    الانكليزية                                                                                                                                 العربية                                                                                                                                                                                                                                    

 


 

اشترك في القائمة البريدية
الرجاء اضافة البريد الإلكتروني الخاص بكم في الحقل أدناه للحصول على النشرة الإخبارية الخاصة بمركز جنيف الدولي للعدالة

اكتب لنا شكواك