بمشاركة عدد من المنظمات غير الحكومية، نظّم مركز جنيف الدولي للعدالة، بتأريخ 25/3/2015، ندوة تزامنت مع عرض تقرير مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان عن الحالة في العراق، ضمن  اجتماعات الدورة 28 لمجلس حقوق الإنسان التي انتهت مساء الجمعة 27/3/2015.

ركزّت الندوة على ابداء الترحيب بالتقرير باعتباره خطوة متقدّمة ضمن عمل مكتب المفوض السامي بخصوص حالة حقوق الإنسان في العراق، وأنها المرة الأولى التي يجري فيها تقديم تقرير فيه قدر من الشمولية عن الانتهاكات الجارية ضد الشعب العراقي، كما ان الخطوة المذكورة ستتيح للمرة الأولى، منذ الغزو والاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003، تثبيت حالة حقوق الإنسان في العراق على جدول اعمال المجلس.

واستضافت الندوة، التي ادارتها السيدة دانيلا دونغيز،  كل من الخبيرين الحقوقيين د. كارين باركر، رئيسة المنظمة الدولية لتنمية التعليم، والأستاذ صباح المختار، رئيس جمعية المحامين العرب في المملكة المتحدّة.

وفي بداية الندوة عرض التقرير الذي بثّته شبكة ABC News الأمريكية عن الانتهاكات الجارية في العراق اذ يوثق بالصوت والصورة بعض هذه الانتهاكات ومنها ما ترتكبه القوات الحكوميّة العراقية والميليشيات المرتبطة بها والتي تقوم بانتهاكات فضيعة لحقوق الانسان وعمليات تطهير طائفي واسعة النطاق، ويقدّم شهادات لمسؤولين أمريكيين ومن منظمة هيومان رايتس ووج عن هذه الانتهاكات

ثم تحدّثت الدكتورة كارين باركر عن الأسباب والظروف التي قادت الى الوضع الذي يمر به العراق اليوم. وفي رأيي الدكتورة باركر الى ان ذلك يعود الى السياسات العدوانية والظلم الكبير الذي وقع على الشعب العراقي جرّاء السياسات العدوانية للولايات المتحدّة الأمريكية وحلفائها منذ عام 1990 وخلال الحصار الاقتصادي ثم ما ارتكبته من انتهاكات في الغزو والاحتلال وما قامت به من عمليات قتل جماعي وتعذيب واسع النطاق واعتقالات عشوائية ومحاكمات جائرة.  وأوضحت كيف ان غزو العراق عام2003 جرى  رغم المعارضة الواسعة للحرب في مختلف دول العالم، لكن الولايات المتحدّة لم تستجب لذلك منتهكة القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدّة. واعتبرت ان الولايات المتحدة قد مارست أيضا اقصى مراحل الإرهاب ضمن ما اطلقته من رعب للمواطنين العراقيين في حملتها المسمّاة (الصدمة والترويع)، وهكذا لاحظنا تأثيرات الحرب وكيف انهها ادّت في النهاية الى اجبار مئات الالاف من العراقيين الى ترك بلدهم. كما سبقت الولايات المتحدة (داعش) في تدمير التراث الحضاري والثقافي للعراق فضلا عن تدمير الكثير من البنى التحتية للدولة وطائفة واسعة من الانتهاكات.

جانب من الحضور

واسفت باركر لمحاولات الولايات المتحدّة للتقليل من الأرقام التي تعلنها منظمات غير حكومية وجمعيّات طبية متخصصة للخسائر الكبيرة في صفوف المدنيين العراقيين حيث غالباً ما تقدّم ارقاماً متواضعة ومع ذلك فانها لم تعر أي اعتبار لحياة العراقيين ولم تتخذ أي اجراء لتحقيق العدالة لضحاياها. واعتبرت باركر تقرير مكتب المفوض السامي خطوة باتحاه العمل للتحقيق بكل الانتهاكات من اجل تحقيق العدالة للشعب العراقي.  واعتبرت باركر ان الخطر الحقيقي الذي يواجهه العراق حالياً هو ما تقوم به الميليشيات المدعومة من ايران. وطالبت بان يضع مجلس حقوق الإنسان، ومكتب المفوض السامي، في الاعتبار كل ذلك في عمله المستقبلي عن العراق.

ثم تحدّث السيد صباح المختار، رئيس جمعية المحامين العرب في المملكة المتحدّة، موضحاً اهم نقاط الضعف في تقرير مكتب المفوض السامي، مع انه يعتبره تقريراً جيداً وان واضعي التقرير حاولوا جهد الإمكان تقديم صورة محايدة للوضع رغم الضغط وكل الصعوبات المحيطة بعملهم كما هي العادة في أي عمل تقوم به أجهزة الأمم المتحدّة فلا يمكن الاّ ان يكون هنالك مصالح للدول الأعضاء في ذلك. وتناول عمل بعثة التحقيق المرسلة للعراق مبيناً ان قرار مجلس حقوق الإنسان الذي يحدّد مهمة البعثة بالتحقيق في انتهاكات داعش (فقط) يثير الكثير من التساؤلات.  وأوضح كيف ان التقرير وهو يتحدث عن أسباب الأزمة الحالية فانه يخصّص معظم صفحاته عن داعش ويغفل ما سبق ظهورها من انتهاكات وخاصة الغزو وما تلاه من انتهاكات.  واكدّ انه لا يمكن القضاء على أي فكر متطرف من خلال القصف بالطائرات بل يجب معالجة كل الأسباب التي تؤدي الى التطرّف. كما تحدّث بالتفصيل عن انتهاكات الميليشيات المدعوة من الحكومة العراقية وكيف انها تقاد فعلياً من قبل مسؤولين إيرانيين.  وبين، خلافاً لما جاء في التقرير، ان القصف العشوائي من قبل القوات الحكومية هو الذي سبب التهجير للأعداد الكبيرة من السكان، وخاصة في مناطق محافظة الانبار.

واستغرب ان تقول البعثة في التقرير انها غير متأكدة من العلاقة بين الحكومة  والميليشيات او ما يسمّى بـــ (الحشد الشعبي) في حين ان تلك العلاقة واضحة جدا وتخصص معظم الموارد من ميزانية الدولة العراقية لدعمها. كما ان المسؤولين المباشرين عليها هم أعضاء في البرلمان والحكومة. وانتقد السيد المختار البعثة ايضاً لتقصيرها في مقابلة عدد كافٍ من المواطنين العراقيين ضحايا العنف الحكومي وانتهاكات الميليشيات وقارن ذلك مع تقارير المنظمات غير الحكومية المعنيّة بحقوق الإنسان وكيف انها وثّقت بالتفصيل تلك الانتهاكات من خلال مقابلات مع مواطنين كانوا قد شهدوا باعينهم تلك الانتهاكات واحياناً كثيرة كانوا هم الضحايا لتك الانتهاكات.

وجرى في نهاية الندوة فسح المجال للحضور لأبداء ملاحظاتهم ومداخلاتهم وتوجيه ما لديهم من اسئلة الى المحاضرين، واكدّت المداخلات خطورة الانتهاكات المرتكبة في العراق واهميّة تكاتف الجميع في التصدّى لها ووضع حد للقوى التي تقوم بتلك الانتهاكات وفضحها وحث المجتمع الدولي وفي مقدمته هيئات الأمم المتحدة على تعزيز دورها وعملها في العراق من اجل استمرار التحقيق بكل الانتهاكات المرتكبة من جميع الأاطراف بغض النظر عن هوياتها وضرورة احالة كل مرتكبيها الى العدالة


روابط ذات صلة:

حالة حقوق الإنسان في العراق: المجتمع الدولي يدق ناقوس الخطر لجرائم الميليشيات والقوات الحكومية في العراق، اضافة الى داعش ويطالب السلطات العراقية بالتحقيق في جميع الانتهاكات وفقاً للمعايير الدوليّة 

بالتزامن مع اجتماعات الدورة 28 لمجلس حقوق الإنسان بجنيف - مركز جنيف الدولي للعدالة ينظم ندوة عن حالة حقوق الإنسان في العراق بمناسبة صدور تقرير المفوضيّة السامية لحقوق الإنسان

حالة حقوق الإنسان في العراق: تقرير مركز جنيف صدر في 30/10/2014

العراق و الإنتهاكات المنتظمة: معضلة العراق الكبرى

الحالة في العراق: المطلوب في العراق حلّ جذري لا عملية تجميلية

متى سيتعلّم هذا العالم؟

خيانة شعب ــ وإفلات من العقاب الى الأبد؟ د. هانز فون سبونيك، رئيس مركز جنيف الدولي للعدالة

مركز جنيف الدولي للعدالة: العراق لم ينفذ توصيات الأمم المتحدّة لتحسين حالة حقوق الإنسان فيه وهو ليس في وضع يؤهله لتحقيق أي من الأهداف الإنمائية التي وضعتها الأمم المتحدّة

السجون العراقية: تقرير من داخل أروقة الموت

تشريح العراق: عقوبات التدمير الشامل التي سبقت الغزو - د. هانز فون سبونيك، رئيس مركز جنيف الدولي للعدالة

        اشترك في القائمة البريدية
        الرجاء اضافة البريد الإلكتروني الخاص بكم في الحقل أدناه للحصول على النشرة الإخبارية الخاصة بمركز جنيف الدولي للعدالة

        اكتب لنا شكواك