في يوم 27 أيلول 2016، عقد مركز جنيف الدولي للعدالة بالتعاون مع المنظمة الدولية لمكافحة كافة أشكال التمييز العنصري، ومنظمة المحامين الدولين، ومحكمة بروكسل، ندوة ضمن الدورة العادية الثالثة والثلاثون لمجلس حقوق الإنسان تحت عنوان: "اليمن: كارثة إنسانية".

وتهدف الندوة لمناقشة الانتهاكات الجسيمة التي يتعرض لها المواطنون في اليمن في مختلف مجالات الحياة منذ إنهيار الحكومة واندلاع الحرب الأهلية عام 2011 وعلى وجه الخصوص بعد انقلاب جماعة ميليشيا الحوثي وسيطرتهم على العاصمة صنعاء ومناطق آخرى منذ 21 أيلول 2014، والتي قادت إلى كارثة إنسانية في البلاد.

وشملت هذه الانتهاكات النهب، والتضييق على الإعلام والصحافيين وملاحقتهم لكتم صوتهم. هذا بالإضافة إلى انتهاكات تمتد من قتل المدنيين، إلى الإخفاء القسري، وتهجير السكان قسراً، ومحاصرة المدن والقصف العشوائي على مناطق مكتظة سكانياً مخلّفة مئات الضحايا.

السيدة غولنوز سيد امينوفا

افتتحت مديرة الندوة السيدة غولنوز سيد امينوفا (وهي باحث أقدم في مركز جنيف الدولي للعدالة)، وأشارت الى خلفية الوضع في اليمن الذي أدى إلى كارثة إنسانية لحقت بكل أنحاء اليمن. أكدت سيد امينوفا على أن هناك مجموعة واسعة من الانتهاكات والجرائم ترتكبها جماعات الحوثي وصالح ضد المدنيين في اليمن. كما ذكرّت الحضور بأن اليمن في الواقع قد صادقت على 7 من أصل 9 معاهدات حقوق الإنسان الأساسية، بالإضافة إلى اتفاقيات جنيف الأربع والبرتوكوليين الإضافيين.

رحبت مديرة الندوة بالضيوف والمحاضرين  وهم:

    السيد محمد ناجي علو: منسق لدى المنظمة الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان (هود).

      السيدة حورية مشهور: وزير سابق لحقوق الإنسان في اليمن ورئيس سابق لهيئة النساء الوطنية في اليمن.

        السيد حمزة الكمالي: عضو سابق في مؤتمر الحوار الوطني اليمني.

          السيد سمير الشيباني: أكاديمي يمني، ومحلل سياسي.


            السيد محمد ناجي علو

            بدأت الندوة بمحاضرة السيد محمد ناجي علو والتي تحدث فيها عن مدى إلزامية القانون الإنسان الدولي واتفاقيات جنيف الأربع والبرتوكولات الإضافية للجماعات المسلحة المنشقة، ومدى تطبيق هذه القوانين الدولية على النزاعات المسلحة غير الدولية.

            وأكد السيد علو على وجوب إلتزام هذه الجماعات بمضمون القوانين الموضوعة للإنسانية وذلك بعدم التعرض بالقتل أو التعذيب للنساء والأطفال وغير المقاتلين على سبيل المثال. ووقف احتجاز الرهائن وممارسة المحاكمات غير العادلة في السياق ذاته.

            وبالتحديد فإن البروتكول الثاني لعام 1978 والملحق لاتفاقيات جنيف الأربعة كان قد حدد واجبات هذه الجماعات تجاه المدنيين في الأماكن التي تسيطر عليها، وذلك بحمايتهم وتقديم خدمات التعليم والصحة والتنقل لهم وضمان المحاكمة العادلة.

            ناهيك عن واجب هذه الجماعات احترام القوانين المحلية السائرة حتى وإن كانت ثائرة عليها.

            واستدرك علو بإنه على الرغم من أن هذه الجماعات المسلحة أضحت حكومة الأمر الواقع في اليمن إلا أنها لم تلتزم بأي من مواد الدستور اليمني ولم تحترم القانون الدولي الإنساني أو اتفاقيات جنيف الأربع الملزمة لها في ظل النزاع المسلح الدائر في البلاد.

            السيدة حورية مشهور

            تابعت السيدة حورية مشهور الحديث في الندوة عن العنف الممارس ضد الأطفال والنساء والانتهاكات الصارخة من فترة ما بعد الانقلاب وحتى يومنا هذا. وفي هذا السياق استدعت السيدة حورية خلفية تاريخية عن الانتهاكات الممارسة ضد النساء والأطفال في اليمن منذ ثلاثة عقود. حيث أكدت السيدة مشهور على أن مؤسسات الدولة حتى قبل الانقلاب كانت هشة ولا تحمي الفرد على الرغم من مصادقة اليمن على الاتفاقيات الدولية المختلفة ووجود الدستور اليمني والذي ينص على وجوب حماية حقوق الإنسان للفرد.

            وأكملت السيدة مشهور حديثها عن تدهور الأوضاع بعد الانقلاب عام 2014 والذي أدى إلى انهيار كامل لمؤسسات الدولة الهشة أصلاً على حد تعبيرها. وتحول الوضع إلى فراغ مؤسساتي وتحكم الميليشيات والتي لا تحترم أي قانون.

            وفي هذا السياق، ذكرت السيدة مشهور أن أكثر من 620 طفل كانوا قد قتلوا منذ الانقلاب و758 آخرين أصيبوا بإعاقات دائمة. ناهيك عن انهيار للخدمات المقدمة لهم. فعلى سبيل المثال هناك انعدام للخدمات الصحية من تحصين الأطفال وتقديم الرعاية الصحية اللازمة لهم.

            وعند الحديث عن العنصر النسائي، فإن هناك مئات الضحايا والإصابات من النساء. وأضافت السيدة مشهور على تحمل النساء العبء الأكبر عند فقدان العائلة لمعيل الأسرة الرئيسي واضطرارها للخروج لسوق العمل غالباً في الزراعة نظراً لأن ما نسبته 60 إلى 70% من النساء اليمنيات أميّات.

            وختمت السيدة مشهور أنه وفي ظل هذا الفراغ الأمني وغياب للدولة ومؤسساتها فإنه من الصعوبة الحديث عن حقوق الإنسان، وأكدت على ضرورة إعادة الدولة وبالتالي إعادة إعمال حقوق الإنسان. وفي هذا المجال، طالبت المجتمع الدولي من أجل تقديم المساعدة اللازمة لليمن وشعبه من أجل استعادة الدولة والنظام والقانون في البلاد.

            السيد حمزة الكمالي

            رحبّت مديرة الندوة بعد ذلك بمحاضرة السيد حمزة الكمالي والذي قدم شرحاً عن وضع التعليم في اليمن بعد الانقلاب. قسّم السيد الكامالي الانتهاكات في هذا السياق إلى ثلاث مستويات وهي: استهداف المنشأت وتشمل تدمير وقصف المدارس أو تحويلها لمخازن وثكنات عسكرية أو سجون ومراكز للتعذيب، ثم استهداف التلاميذ وذلك بتجنيدهم إما بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر من خلال إخراجهم من المدارس وخلق حالة من الفراغ في نفوسهم وثم استجلابهم للقتال في صفوف الميليشيات، وأخيراً استهداف المناهج الدراسية وبث روح الطائفية والنزعات الدموية فيها.

            وأضاف السيد الكمالي أن الميليشيات قد قامت بتقليص ما بين 70-80% من المناهج وتقليص موازنة التعليم قسراً ب 10 مليون دولار. كما وقامت بإيقاف منح الطلاب المبتعثين في الخارج وهم حوالي 20000 طالب. وكان قد ذكر أن هناك حوالي 3700 مدرسة خارج الخدمة إما لأنها تحولت لثكنات عسكرية وسجون أو لأنه قد تم استهدافها وتدميرها بالكامل، بالإضافة إلى تحول 1900 مدرسة إلى مراكز لإيواء النازحين في اليمن.  كما وأكد على وجود ما يقارب على 3 مليون طالب خارج صفوف الدراسة، بالإضافة إلى عزل المعلمين واستبدالهم بآخرين من قادة الميليشيات.

            وأكد الكمالي في نهاية محاضرته على أن هدف الميليشيات هو تركيع التعليم والأكاديميين في اليمن من أجل خلق بيئة جاهلة يسهل التحكم بها وتحويلهم لمقاتلين في نهاية المطاف. 

            السيد سمير الشيباني

            انتقل بعد ذلك السيد سمير الشيباني للحديث عن العلاقة بين الانقلاب والإرهاب. خلص من خلال محاضرته للتأكيد على أن الارهاب قد استفاد من الإنقلاب من أجل الظهور بشكل علني وكذلك فإن الإنقلاب استدعى الإرهاب في علاقة متداخلة بينهم.

            حيث أكد السيد الشيباني على أنه تم خلق بيئة تدعم نشوء الحركات الإرهابية والتي لا تنمو إلى في المجتمعات الضعيفة والهشة. وذلك تلجأ قوى الفساد والاستبداد إلى إضعاف الدولة من أجل تمزيقها من الداخل. وأضاف ان الرئيس السابق علي عبدالله صالح قد خلق جواً من التعصب في جنوب اليمن وهو ما سهل نشوء الحركات الإرهابية. بالإضافة إلى أن عدم حل مشكلة الأقليات في اليمن أعطت الإرهابيين فرصة للظهور والنمو تحت غطاء عقائدي أو نصرة المظلومين.

            وخلص السيد الشيباني إلى أن القضاء على ظاهرة الإرهاب يستلزم القضاء على الانقلاب واستعادة الدولة ومداوة الشروخ فيها لمنع الحركات الإرهابية من النمو من بينها.

            الختام

            وقد حظي موضوع الندوة باهتمام كبير لدى الحضور الذين طرحوا الكثير من الأسئلة على المحاضرين وساهموا بالعديد من المداخلات في هذا السياق. من بين الأسئلة ما ارتبط بعدم تجريم المجتمع الدولي أو الحكومة اليمنية إلى الآن للأعمال الإرهابية التي تقوم بها جماعة الحوثي في اليمن. وفي هذا المجال أكد السيد الشيباني على قيام الحكومة اليمنية بتجريم هذه الأعمال بل ومحاربتها. بينما فيما يتعلق بموقف المجتمع الدولي فقد أكد السيد علوّ على أن المجتمع الدولي كان قد أصدر قرارات عديدة أدان فيه سلوك الجماعات الانقلابية وأعطى دول التحالف العربي الضوء الأخضر لقتالها، ولكن تصنيفها كجماعة إرهابية يستوقفه وجود مشاكل تقنية تتمثل بكون النزاع ذو طابع محلي و قد تصل الأطراف المتنازعة إلى حلول مشتركة في نهاية المطاف.

            التسجيل الكامل:


            اقراء ايضاً

            لا شيء آمن

            ندوة ضمن الدورة الثالثة والثلاثون لمجلس الأمم المتحدّة لحقوق الإنسان

            في يوم 23 أيلول 2016، عقد مركز جنيف الدولي للعدالة بالتعاون مع كلٍ من المنظمة الدولية للقضاء على كافة أشكال التمييز العنصري ومنظمة المحامون الدوليون ومنظمة صحفيات بلا قيود، ندوة جانبيّة ضمن اجتماعات الدورة العادية الثالثة والثلاثون لمجلس حقوق الإنسان تحت عنوان "لا شئ آمن".

            هدفت الندوة إلى دراسة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، وكيف انها، ومنذ انقلاب الحوثي على الشرعية أصبحت تؤثر على كل السكّان في كل مدنهم، واينما كانون وبمختلف أعمارهم.


            إقرء المزيد...

            مركز جنيف الدولي للعدالة يضيّف السيدة توكل كرمان


            ضمن اعمال الدورة 31 لمجلس الأمم المتحدّة لحقوق الإنسان التي اختتمت اعمالها في جنيف في 24/3/ 2016، ضيّف مركز جنيف الدولي للعدالة وبالتعاون مع المنظمة الدولية للقضاء على كافة اشكال التمييز العنصري، السيدة توكل كرمان، الحاصلة على جائزة نوبل للسلام عام 2011، في ندوة مفتوحة بتأريخ 11 آذار 2016، استقطبت حضوراً متميّزا من السلك الدبلوماسي، وممثلي المنظمات غير الحكوميّة والشخصيّات الحقوقيّة ووسائل الإعلام الدوليّة.

            وتناولت السيدة كرمان في الندوة تطورّات الأوضاع في اليمن، ونظرتها للمستقبل، وفي ختام الندوة جرى حوار تفاعلي مع جمهور الحاضرين.

            ركزّت السيدة كرمان في حديثها على سلميّة الثورة اليمنية قائلة رغم ان هنالك 70 مليون قطعة سلاح لدى الشعب اليمني إلاّ ان الشعب اختار ان يثور سلميّاً وبالورود لا بالرصاص على الوضع الفاسد، وعلى الجهل والفقر والتخلّف.

            إقرء المزيد...

            الأزمة في اليمن

            موقف القانون الدولي من تمويل وتسليح الميليشيات المسلحة

            اختتمت في جنيف، يوم الأربعاء ٢٣ كانون الأول/ديسمبر 2015، أعمال المائدة المستديرة المتخصصة عن الأزمة اليمنية، والتي ركزّت على دراسة "القضايا القانونية الدولية المتعلقة بتمويل وتسليح الجماعات المسلحة". وتأتي هذه الفعّالية، التي نظّمها مركز جنيف الدولي للعدالة (GICJ) بالتنسيق مع مركز لندن للقانون الدولي (LCILP)، في إطار سلسلة من الفعّاليات التي يُخطّط المركزان لإقامتها بخصوص القضايا القانونية الدولية المتعلقة بالنزاعات في منطقة الشرق الأوسط.

            كما جاءت بُعيد تأجيل الجولة الأخيرة من المفاوضات التي تجري تحت رعاية الأمم المتحدّة، واستمرت لمدة ستة أيام اختتمت في 20 من كانون الأول/ديسمبر الجاري في مدينة  بييل السويسرية حيث اجتمع الطرفان لأول مرة وجها لوجه.

            وقد حاضر في مائدة الحوار عدد من الخبراء الدوليين في مجالات القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.

            إقرء المزيد...

            اشترك في القائمة البريدية
            الرجاء اضافة البريد الإلكتروني الخاص بكم في الحقل أدناه للحصول على النشرة الإخبارية الخاصة بمركز جنيف الدولي للعدالة

            اكتب لنا شكواك